الطريقة المستقيمة ، وكان في الجاهلية افراد تمردوا على عصرهم وبيئتهم ، وأدركوا بفطرتهم الصافية أن لهذا الكون خالقا قديرا واحدا ، وان بعد الموت بعثا وحسابا وثوابا وعقابا ، وان عبادة الأصنام جهالة وضلالة ، ومن اشعار بعضهم كما في الجزء الثالث من الأغاني ، والأول من سيرة ابن هشام طبعة سنة ١٩٣٦.
أربا واحدا أم الف رب |
|
أدين إذا تقسمت الأمور |
ولكن اعبد الرحمن ربي |
|
ليغفر ذنبي الرب الغفور |
ترى الأبرار دارهم جنان |
|
وللكفار حامية سعير |
قال ابن هشام في الجزء الأول من السيرة النبوية : اجتمعت قريش في عيد لهم عند صنم كانوا يعظمونه ، فاعتزل منهم اربعة ، وهم ورقة بن نوفل ، وعبد الله بن جحش ، وعثمان بن الحويرث ، وزيد بن عمرو ، وقال بعضهم لبعض : والله ما قومكم على شيء ، لقد أخطئوا دين أبيهم ابراهيم؟. ما حجر نطيف به ، لا يسمع ولا يبصر ، ولا يضر ولا ينفع؟.
أما زيد بن عمرو فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية ، فارق دين قومه معتزلا الأوثان والميتة والدم والذبائح التي تذبح على الأوثان ، ونهى عن قتل الموءودة ، وكان يقول لأبيها : لا تقتلها ، انا أكفيك مئونتها ، وكان يجاهر قومه بعيب ما هم عليه ، ويقول : انا اعبد رب ابراهيم .. يا قوم ما أصبح منكم احد على دين ابراهيم غيري .. اللهم لو اني اعلم اي الوجوه أحب اليك لعبدتك به ، ولكني لا اعلمه ، ثم يسجد على راحته.
ومضى زيد يسفه قريشا وما يعبدون ، ولما أيقنوا بخطره طلبوا من عمه الخطاب أبي عمر بن الخطاب ان يمنعه ويردعه ففعل ، ولكن زيدا ظل على دعوته ، فآذاه عمه واغرى به سفهاء قريش وشبابها ، من بينهم ابنه عمر ، وقال لهم : اطردوه ، ولا تتركوه يدخل مكة ، فخرج منها هائما في الأرض يطلب دين ابراهيم (ع) ، وما برح طريدا شريدا ينتقل من بلد الى بلد ، حتى اعترضته جماعة من لخم فقتلوه .. فابتهجت قريش لقتله ، اما صديقه ورقة ابن نوفل فذرف عليه الدموع ، ورثاه بأبيات ، منها :