الإعراب :
المصدر من أن تصيبوا مفعول من أجله لتبينوا أي لئلا تصيبوا. فتصبحوا منصوب بأن مضمرة. ونادمين خبر تصبحوا.
المعنى :
اشتهر بين المفسرين ان رسول الله (ص) بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط الى بني المصطلق ليأخذ منهم الزكاة ، فاستقبلوه بجمعهم تكريما له ، ولكنه ظن بهم الشر وانهم يريدون الإيقاع به ، فانصرف الى النبي (ص) وقال له : منعوني وطردوني. فغضب النبي (ص) وقال له بعض الصحابة : نغزوهم يا رسول الله. فنزلت الآية في تبرئة بني المصطلق ، وقيل غير ذلك في سبب نزولها ... ونحن لا نثق بشيء من أسباب النزول إلا إذا ثبت بنص القرآن أو بخبر متواتر ، بالاضافة الى ان ظن الوليد بالشر لا يستوجب الفسق ، وانما هو خطأ واشتباه ، والمخطئ لا يسمى فاسقا وإلا استحق اللوم والعقوبة حتى ولو تحفظ واجتهد.
وأيا كان سبب النزول فإن الآية لا تقتصر عليه ، بل تتعداه الى غيره لأن المورد لا يخصص الوارد ، ولا فرق بينه وبين غيره من أفراد العام ، وانما ذكر بالذات لأمر لا يمت الى تخصيص اللفظ بصلة ، وعليه يجب الأخذ بظاهر الآية ، وهو يدل على حرمة الأخذ بقول الفاسق دون التمحيص والتثبت من خبره خوفا من الوقوع فيما لا تحمد عقباه كالإضرار بالآخرين والندامة حيث لا ينفع الندم ، وبكلمة الإمام علي (ع) «من سلك الطريق الواضح ورد الماء ، ومن خالف وقع في التيه» وبهذا نجد تفسير قوله تعالى : (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ).
واستدل بهذه الآية جماعة من شيوخ السنة والشيعة على وجوب الأخذ بقول الثقة مطلقا بلا شرط البحث عن صدقه فيما أخبر ، وشرح بعضهم وجه الاستدلال بكلام غامض ومعقد ، ويتضح بأن الآية تضمنت مبدأ عاما يقاس به الخبر الذي لا يصح الاعتماد عليه والعمل به إلا بعد التثبت وهو خبر الفاسق ، وأيضا يقاس به الخبر