بالنظر الى المعنى لأن الطائفة جماعة من الناس ، وثنّى «بينهما» بالنظر الى لفظ طائفتين.
المعنى :
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما). للإسلام تعاليم وإرشادات لبناء المجتمع وإصلاحه ، منها وجوب حماية الإنسان في دمه وماله وعرضه ، وحريته في القول والفعل ، لا سلطان عليه لأحد ولا لشيء إلا الحق ، فإذا خرج عنه وانتهك حرمته بالاعتداء على الآخرين فقد رفع هو الحصانة عن نفسه ، قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) ـ ٧٠ الإسراء أنظر ج ٥ ص ٦٦ فقرة «بماذا كرم الله بني آدم». وقال مخاطبا نبيه الكريم : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) ٢٢ الغاشية. وقال : (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) ـ ٤٢ الشورى.
ومنها التعاطف والتكافل بما يعود على الجميع بالخير والصلاح ، فإذا ما حدث خصام وقتال بين فئتين من المؤمنين فعلى المؤمنين الآخرين أن يتلافوا ذلك ، ويصلحوا على أساس الحق والعدل حرصا على وحدة الجماعة وجمع الشمل ، وفي الحديث الشريف : «الا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : إصلاح ذات البين.
(فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ). إذا أبت إحدى الفئتين الرضوخ للحق بالحسنى ، وأصرت على العدوان فعلى المؤمنين الآخرين ان يحموا الفئة الأخرى من الظلم بالحكمة والموعظة الحسنة ، فإن لم ترتدع الفئة الباغية إلا بالقتال قاتلوها في حدود التأديب والدفاع المشروع الذي يحقق الأمن للجميع (فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). فإن تابت الفئة الباغية ، وانتهت عن بغيها فإن الله غفور رحيم ، وما لأحد عليها من سبيل ، وعلى المؤمنين أن يبذلوا الجهد لازالة ما حدث في نفوس الطرفين.
وقال الجصاص الحنفي في كتاب أحكام القرآن ، وهو يتكلم حول هذه الآية :