المعنى :
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) أي قبل الذين كذّبوا محمدا (ص). (قَوْمُ نُوحٍ) تقدمت قصة نوح في ج ٤ ص ٢٢٢ وما بعدها (وَأَصْحابُ الرَّسِّ) وهي بئر ، وتقدمت الاشارة الى أصحاب الرس في ج ٥ ص ٤٦٨ (وَثَمُودُ) وهم قوم صالح ، وقصتهم في ج ٤ ص ٢٤٣ (وَعادٌ) قوم هود ، وتقدم الكلام عنهم في ج ٤ ص ٢٣٧ (وَفِرْعَوْنُ) تكررت قصته مع موسى وبني إسرائيل مرات ومرات. انظر ج ٣ ص ٣٧٠ الى ٣٨٦ (وَإِخْوانُ لُوطٍ). انظر ج ٣ ص ٣٥٢ (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) أي الغيضة الملتفة الشجر ، وتقدمت الاشارة الى أصحاب الأيكة في ج ٥ ص ٥١٥ (وَقَوْمُ تُبَّعٍ) وهو تبع الحميري ، وسبق الكلام عنه عند تفسير الآية ٣٧ من سورة الدخان (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) وهو العذاب الذي وعدهم الله به على لسان رسله (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ)؟ هل عجزنا عن النشأة الأولى كي نعجز عن الثانية : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) ـ ١٠٤ الأنبياء».
(بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ). اللبس الشك ، والخلق الجديد البعث ، والشك حسن بل هو ضروري على أن يكون باعثا على البحث والنظر ، أما النفي بلا دليل ولمجرد الشك فهو جهل وضلال.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ). الله قريب من كل شيء بعلمه لأن ما من شيء إلا وهو منه ، إذن ، فلا شيء يبعد عنه ، وإنما خص سبحانه حبل الوريد بالذكر لأنه أقرب الى الإنسان من أي عضو آخر ، ويضاف الى ذلك ان فيه قوام الحياة (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). يدل ظاهر الآية على ان الله يقيم على الإنسان رقيبين : يقعد أحدهما عن يمينه ، والآخر عن شماله يسجلان عليه كل ما يلفظ من قول. وقال كثير من المفسرين : ان هذين الرقيبين من الملائكة ، وان أحدهما يكتب الحسنات ، وهو الذي يجلس على يمين الإنسان ، والآخر يكتب السيئات ، وهو الذي يجلس على شماله .. ويصح تفسير الرقيبين بأنهما كناية عن ان الإنسان مسؤول عما يقول ويفعل ، وانه لا يستطيع عند نقاش الحساب أن يستر أو ينكر سيئة من سيئاته لقيام الحجة عليه.