أي رماهم بالحصباء التي تحملها الريح بالاضافة الى الخسف ، وهذه الحصباء هي التي ذكرها سبحانه في الآية ٣٣ من سورة الذاريات : (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ). (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ). أنجى لوطا ومن آمن معه من العذاب حيث أخرجهم آخر الليل من القرية الظالم أهلها (نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ). انتقم سبحانه ممن عصى ، وأنعم على من أطاع عملا بمبدإ العدالة ، ولكن الرازي قال : «ولو أهلكوا ـ أي آل لوط ـ لكان ذلك عدلا» .. والله أصدق حديثا ، وهو القائل : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) ـ ١١٥ الأنعام. أي ان العدل فيما تم منه تعالى ، وما عداه فهو ظلم.
(وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ). خوّفهم لوط من عذاب الله ، فشكوا وسخروا ، بل هددوا وتوعدوا و (قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) ـ ١٦٧ الشعراء. (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ). سمعوا ان اضيافا دخلوا على لوط ، فأسرعوا اليه ، وقالوا له بوقاحة وصلف : أعطنا أضيافك لنفجر بهم ونفحش (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) أعمى الله أبصارهم عن أضياف لوط ، ثم أرسل عليهم العذاب ، وقال لهم : (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) وهو الذي شككتم فيه وسخرتم منه (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ). أتاهم العذاب صباحا ، واستمر حتى أفناهم عن آخرهم (فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ). ذكر سبحانه هذا بعد عذاب الطمس ، ثم كرره بعد العذاب الحاصب (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)؟. كرر ، جلت حكمته ، هذه الآية أربع مرات : الأولى بعد الاشارة الى قصة نوح ، والثانية بعد قصة هود ، والثالثة بعد قصة صالح ، والرابعة بعد قصة لوط ، والغرض ان نعتبر ونتعظ بكل قصة من هذه الأربع لأنها كافية وافية في التذكير والوعظ. وتقدمت قصة لوط في سورة هود وغيرها. (وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ). ومثله (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) ـ ١٠٣ الأعراف. (كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها) وكانت تسعا (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) ـ ١٠١ الإسراء ذكر سبحانه خمسا منها في الآية ١٣٢ من سورة الأعراف : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ) والأربع الباقية أشار اليها سبحانه في آيات متفرقة