أي براءة مكتوبة في الزبر. ذوقوا أي يقال لهم : ذوقوا. وسقر علم لجهنم وهو ممنوع من الصرف للتعريف والتأنيث. وواحدة صفة لمقدر أي كلمة واحدة. وفي مقعد متعلق بمحذوف خبرا ثانيا لإن المتقين.
المعنى :
(أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ)؟ الخطاب للذين كذبوا محمد (ص) ، وأولئكم إشارة الى الأمم البائدة الهالكة بسبب كفرها وعنادها ، وقد ذكر سبحانه في الآيات السابقة ما حل بهم من أنواع العذاب. والمعنى : لستم خيرا ممن أهلكنا ، بل أنتم شر مكانا ، وأشد على الرحمن عتيا ، فهل أمنتم أن يخسف بكم أو يرسل عليكم حاصبا كما فعل بالذين قبلكم؟ (أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ)؟ هل أنزل الله في كتاب من كتبه انكم في أمان من عذابه؟ (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ)؟ أم تدعون انكم جمع لا يقهر؟ (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) يوم نزلت هذه الآية كانت القوة للمشركين لأنهم الأكثرية الغالبة ، أما المسلمون فكانوا أفرادا ضعافا ، وكان في استطاعة أي مشرك أن يؤذي المسلمين ، وهو آمن .. وما مضت الأيام حتى انعكست الآية ، وولى المشركون الأدبار ، وأصبحت كلمة الإسلام والمسلمين هي العليا ، واستبان للقريب والبعيد ان قوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) هو حق وصدق. وهذه واحدة من البينات القاطعة على ان الله سبحانه ينطق على لسان رسوله الأعظم (ص)
(بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ). الضمير في موعدهم يعود الى الجميع من قوم نوح الى كفار العرب الذين كذبوا محمدا (ص) والمعنى كل ما أصاب المكذبين من عذاب الدنيا فما هو بشيء إذا قيس بعذاب الآخرة .. فكل بلاء دون النار عافية (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ). هذا تفسير وبيان لقوله تعالى : (وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ). فأهل النار لا يقاسون أهوالها وكفى ، بل تنكل بهم ملائكة العذاب بشتى أنواع التنكيل ، كالسحب على الوجوه ، والضرب بمقامع من حديد ، الى ما لا يبلغه الوصف.