والقمر ومغرباهما ، وهذا المعنى هو المتبادر إلى الأذهان دون غيره .. وليس من شك ان أكثر الأحياء تحتاج إلى شروق الشمس والقمر وغروبهما ، بل قالوا : ان الحياة لا تستقيم على الأرض إلا بذلك (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟ أبنعمة الشروق أم نعمة الغروب أم غيرها؟
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ). تطلق كلمة بحر على الماء الكثير عذبا كان أم غير عذب ، والمراد بالبحرين هنا مياه البحار والأنهار ، ومرج أي التقى طرفاهما واختلطا ، والبرزخ الحاجز ، والمراد به هنا قدرة الله تعالى ، ولا يبغيان أي لا يبغي أحدهما على الآخر ، فيغيره عما كان عليه. انظر تفسير قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) ـ ٥٣ الفرقان ج ٥ ص ٤٧٢ .. ولكل من البحار والأنهار منافع ومغانم لخلق الله وعباده (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟ أبنعمة البحار أم نعمة الأنهار أم غيرها؟.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ). لقد حار أكثر المفسرين أو الكثير منهم في تفسير هذه الآية. ذلك بأنهم جزموا ان اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان إلا من البحر المالح ، مع ان الله سبحانه قال : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا). أي من العذب وغيره .. وقد تمحلوا في التأويل والتخريج .. أما الرازي فقال : كيف يمكن الجزم بأن اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان إلا من الماء المالح ، والذين قطعوا المفاوز وداروا البلاد قد خفيت عليهم الأمور الأرضية فكيف بما في قعر البحار؟ وهب ان الغواصين ما أخرجوا اللؤلؤ إلا من المالح وما وجدوه إلا فيه ، لكن لا يلزم من هذا ان لا يوجد في غيره .. فظاهر كلام الله أولى بالاعتبار من كلام الناس.
ونحن على هذا المنطق القويم ، ويؤيده قول الشيخ المراغي في تفسيره : «قد ثبت في الكشف الحديث ان اللؤلؤ كما يستخرج من البحر الملح يستخرج من البحر العذب ، وكذلك المرجان وان كان الغالب انه لا يستخرج إلا من الماء الملح (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي فبأي هذه النعم تكذبان.
ونسب الى الشيعة الامامية انهم يعتقدون بأن المراد بالبحرين على وفاطمة ، وبالبرزخ محمد (ص) ، وباللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين ، وأنا بوصفي الشيعي