المعنى :
(خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ). المراد بالإنسان آدم أبو البشر ، والصلصال الطين اليابس غير المطبوخ ، فإذا طبخ فهو فخار. وفي ج ٤ ص ٤٧٤ جمعنا بين أربع آيات ، وهي (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ـ ٢٦ الحجر. والآية ٥٤ من سورة الفرقان (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً). والآية ٥٩ من سورة آل عمران (كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ). والآية ٢ من سورة الأنعام (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ). وأثبتنا انه لا طريق الى معرفة أصل الإنسان إلا الوحي من خالق الإنسان ، وعند تفسير الآية ١١ من سورة الأعراف ج ٣ ص ٣٠٥ فقرة «حول أصل الإنسان» أشرنا الى الرد على نظرية «داروين».
(وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ). قلنا مرات : نحن نؤمن بوجود الجن لأن الوحي أثبته ، والعقل لا ينفيه. وعند تفسير قوله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ) ـ ٢٧ الحجر ج ٤ ص ٤٧٥ ـ قلنا : ان علماء الاختصاص اكتشفوا نوعا من الحشرات لا تحيا إلا بالهواء السام ، ونوعا آخر لا يحيا إلا في آبار البترول والمواد الملتهبة ، ومعنى هذا ان عناصر الكائنات الحية على أنواع ، منها من ماء ومنها من نار ، وأيضا منها في عالم الشهادة ومنها في عالم الغيب (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟ أبخلق الإنسان من صلصال كالفخار أم بخلق الجان من مارج من نار أم غيره؟. ومارج لهب بلا دخان. وأخشى ان يقول الذين يطبقون الوحي على العلم الحديث : ان هذا المارج يشير الى اكتشاف الغاز والسبيرتو.
أما تعدد قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فهو لتعدد الأسباب الموجبة ، وهي النعم المسئول عنها واختلاف أنواعها ، تماما كما تقول لمن تراكمت عليه أياديك : لقد أنقذتك من يد عدوك بعد ان تمكن منك ، وأعطيتك الأموال ، فبأيهما تكذّب؟ وعلّمت أولادك ، وبنيت لك دارا ، فبأيهما تكذّب؟. ـ اذن ـ فلا تكرار ولا تأكيد لشيء واحد.
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ). المراد بالمشرقين والمغربين هنا مشرقا الشمس