نبدل متعلق بمسبوقين. وجملة إنا لمغرمون مفعول لقول مقدر.
المعنى :
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ)؟. آمنوا وصدقوا بأن الله خلقهم ، ولكنهم أنكروا وكذبوا انه يعيدهم بعد الموت للحساب والجزاء ، لأن الأول في عقيدتهم ممكن ، أما الثاني فمستحيل .. فرد عليهم سبحانه بأن ابتداء الخلق وإعادته بعد الموت هما من باب واحد بالنسبة الى قدرة الله تعالى ، بل الاعادة أهون لأن الخلق إيجاد من لا شيء ، والاعادة جمع لأجزاء متفرقة ، فيلزمكم ، وهذه هي الحال ، أحد أمرين : إما الاعتراف بهما معا ، وإما إنكارهما معا ، ومن اعترف بأحدهما دون الآخر فقد ناقض نفسه بنفسه ، ويسمى هذا بدليل التلازم بين شيئين لا ينفك أحدهما عن الآخر بحال ، ولذا يستدل بأحدهما على الثاني سلبا وإيجابا ، ثم ضرب سبحانه أمثلة من خلقه يدل وجودها على إمكان المعاد وهي :
١ ـ (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ)؟. من الذي خلق من منيكم بشرا سويا بجميع أعضائه وغرائزه؟ أنتم أم الله؟. لقد قذفتم المني في رحم المرأة وانتهى دوركم ولم تتعهدوه بشيء إطلاقا .. فمن الذي صير المني علقة ، والعلقة مضغة ، والمضغة عظاما ، وكسا العظام لحما الخ؟. فإن قلتم : كل ذلك من عمل الطبيعة وحدها. قلنا : ومن أوجد الطبيعة؟. فإن قلتم : أوجدت نفسها بنفسها. قلنا : من الذي وهبها الحياة والاحساس والإدراك؟ وان قلتم : هي. قلنا : انها صماء عمياء وفاقد الشيء لا يعطيه. وان قلتم : نشأت الحياة في المادة من غير قصد. قلنا : وعليه فإن كلامكم هذا صدر عنكم من غير قصد! .. ان العقل لا يستسيغ أي تفسير للحياة ونظام الكون إلا بعلة فاعلة عاقلة وجدت من غير فاعل ، ولا يمكن الارتقاء في سلسلة العلل الى ما لا نهاية وإلا لم يكن للوجود عين ولا أثر.
(نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) ان مالك الموت هو مالك الحياة ، والمغني هو الموجد (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ). ان الله سبحانه لا يغلبه غالب ، ولا يفوته هارب ، وهو على كل شيء قدير ، وبقدرته تعالى