المعنى :
(قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ). يقول سبحانه لنبيه الكريم : قد علم الله حال المرأة وما راجعتك به من الكلام في أمر زوجها ، وأيضا علم شكواها الى الله واستغاثتها به ، وقد استجاب دعاءها ورحم تضرعها (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) لا تخفى عليه خافية ، ثم بيّن سبحانه حكم هذه الحادثة وأمثالها بقوله :
١ ـ (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً). الظهار محرم في دين الله لأنه كذب مخالف للواقع ، وكيف تكون الزوجة اما (إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ). (وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) لمن تاب وأناب ، وقال بعض الفقهاء : ان الظهار محرم ما في ذلك ريب لأن الله وصفه بالمنكر والزور ، ولكن لا عقاب على فاعله لأنه اقترن بالعفو. وردّ الشهيد الثاني هذا القول بأن العفو في الآية عام ولا يختص بالظهار.
٢ ـ (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا). يعودون لما قالوا أي يظاهرون ثم يندمون. ويرجعون عن قولهم. قال ابن هشام في المغني : تأتي اللام بمعنى عن كقوله تعالى : (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) ـ ٣١ هود أي لا أقول عن الذين الخ. وأيضا تأتي بمعنى في كقوله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) ـ ٤٧ الأنبياء أي في يوم القيامة ، وعليه يكون المعنى يعودون فيما قالوا أو عما قالوا. واختلف الفقهاء في المراد بالمسيس ، فقال جماعة : المراد به كل مسيس أخذا بالإطلاق اللغوي. وقال آخرون : المراد به خصوص المضاجعة. وليس هذا ببعيد عن طريقة القرآن فقد جاء في الآية ٢٣٧ من سورة البقرة : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) أي تضاجعوهن باتفاق الفقهاء.
(ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). ذلكم اشارة الى وجوب الكفارة على الظهار ، والمراد بالوعظ هنا الزجر ، والمعنى ان الله سبحانه فرض الكفارة