المفاوضات : من الذي يتصدر ومن الذي يتأخر؟ وأي وفد يدخل حجرة المفاوضات قبل الآخر .. ومن الأمثلة التاريخية التي ذكرها الكاتب : انه في سنة ١٩٤٥ عقب الحرب العالمية الثانية اتفق تشرشل وستالين وروزفلت على أن يتفاوضوا في بودابست ، ولكنهم اختلفوا أيهم يدخل الحجرة قبل غيره ، وطال هذا الخلاف أمدا غير قصير .. ثم انحلت المشكلة في أن يتفاوضوا في حجرة لها ثلاثة أبواب ، يدخل كل واحد منهم من باب في آن واحد.
وحين بلغت بالتفسير الى قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ) حين بلغت الى هنا تذكرت المقال ، وأشرت ـ كما ترى ـ الى بعض ما جاء فيه ليعلم القارئ ان الإسلام لا يقيم وزنا إلا للعلم والإخلاص : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ). هذه هي حضارة الحق والعدل بمعناها الصحيح ، أما تكريم صانعي الموت الذين يملكون صواريخ «مينوتمان» وصواريخ «س س» وغيرها من اسلحة التخريب والتدمير ، أما هؤلاء فلا وزن لهم إلا في شريعة الشيطان ، وحضارة البغي والعدوان.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). لا أجد تفسيرا لهذه الآية أحسن من تفسير مقاتل بن حيان لها ، قال : ان الأغنياء غلبوا الفقراء على مجلس النبي (ص) ـ وهذا شأنهم في كل زمان ـ وأكثروا من مناجاته حتى كره النبي (ص) طول جلوسهم ، فأمر الله بالصدقة عند المناجاة ، فأما الأغنياء فامتنعوا ، وأما الفقراء فلم يجدوا شيئا ، واشتاقوا الى مجلس الرسول (ص) فتمنوا لو كانوا يملكون شيئا ينفقونه ويصلون الى مجلس رسول الله (ص) وعند هذا ازدادت درجة الفقراء عند الله ، وانحطت درجة الأغنياء.
وفي العديد من التفاسير ، منها تفسير الطبري والرازي : ان هذه الآية ما عمل بها أحد إلا علي بن أبي طالب (ع). كان معه دينار فصرفه بعشرة دراهم ، فكان كلما أراد مناجاة الرسول تصدق بدرهم ، ثم نسخت الآية قبل أن يعمل بها