وتكون في الدنيا بالسيف أو بعذاب من السماء أو بالحجة والبرهان أو بخلود الذكر. أنظر تفسير الآية ٣٨ من سورة الحج ج ٥ ص ٣٣١ فقرة «لا يخلو المؤمن من ناصر» ، وتفسير الآية ٧ من سورة محمد (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ). مستحيل ان يجتمع الايمان مع محبة الكافر وموالاته .. كيف وهو سبحانه القائل : (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) ـ ٤ الأحزاب. وقد اشتهر عن الإمام علي (ع) : ان صديق العدو عدو. وقال : «فلقد كنا مع رسول الله (ص) وان القتل ليدور على الآباء والأبناء والاخوان والقرابات ، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا ايمانا ومضيا على الحق وتسليما للأمر». وتكلمنا عن ذلك مفصلا عند تفسير الآية ٢٨ من سورة آل عمران ج ٢ ص ٣٨.
(أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ). أولئك اشارة الى الذين لا يؤثرون شيئا على ايمانهم حتى الآباء والأبناء ، والمعنى ان الله ثبّت الايمان في قلوب المخلصين ، وأيدهم بالحجج والبراهين : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) ـ ٢٧ ابراهيم. (وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ). ومعنى رضى الله عن العبد هو أن يعطيه من فضله ، ومعنى رضا العبد عنه تعالى هو ان يرضى بما أعطاه. وقال ابن عربي في الفتوحات : «يرضى الله باليسير من عمل عباده ، وهم أيضا يرضون باليسير من ثوابه لأن الله مهما أعطى فعطاؤه أقل القليل بالنسبة الى ما عنده». ولكن هذا الذي أسماه ابن عربي أقل القليل بالنسبة اليه تعالى هو أكثر الكثير بالنسبة الى العباد. قال عز من قائل : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) ـ ٢٤٥ البقرة.
(أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). هذه الآية في مقابلة الآية ١٩ من هذه السورة : (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ).
والخلاصة ان الإنسان بالغا ما بلغ من المقدرة فإنه أعجز من أن يجمع بين مرضاة الله ومرضاة أعدائه تعالى ، فإن أرضاهم أغضب الله ، وان أرضى الله