فما الذي جعل الواحد أربعة؟ ولو أقروا ثلاثة أناجيل لقلنا : لكل اقنوم إنجيل .. ولا شيء أدل على ان هذه الأناجيل من رجال الكنيسة لا من المسيح انها تحدثت عن صلبه ودفنه وخروجه من القبر وصعوده الى السماء واختتام حياته على الأرض ، فهل نزل عليه الوحي بعد أن صلب ودفن؟ وإذا أمكن ذلك فهل من الممكن في حكم العقل والواقع أن ينزل عليه الوحي الذي دوّن في الإنجيل بعد أن صعد الى السماء واختتم حياته على الأرض؟.
سؤال ثان : وأين نجد هذا الاعتراف من علماء اليهود والنصارى؟.
الجواب : في العديد من كتبهم العربية والأجنبية ، فمن الكتب العربية قاموس الكتاب المقدس الذي اشترك في وضعه ٢٧ عالما ، فلقد جاء في مادة يوشيا من هذا الكتاب ما نصه بالحرف : «مما لا شك فيه ان معظم الأسفار المقدسة أتلف أو فقد في عصر الارتداد عن الله والاضطهاد». وفي مادة اسفار : «هناك رأي يقول : ان الذي أضفى صفة القانون على اسفار العهد القديم هم كتّاب الأسفار أنفسهم .. ورأي آخر يقول : هم الكتّاب المقودون ـ أي المؤيدون ـ بالروح القدس ، ومعهم قادة الدين من اليهود والمسيحيين الذين قبلوا هذه الأسفار بإرشاد الروح القدس أيضا». وهذا اعتراف لا يقبل الشك بأن الأسفار الأصلية فقدت ، وان جماعة قد كتبوا ما كتبوا أسفارا وأضفوا عليها صفة القداسة من عند أنفسهم على قول ، وبتأييد الروح القدس على قول آخر .. وسواء أخذنا بالقول الأول أم الثاني فالنتيجة واحدة ، وهي الاعتراف القاطع بأن الأسفار الموجودة الآن ما هي بأسفار موسى وعيسى الأصلية لأن هذه قد فقدت ، وحل محلها أسفار جديدة كتبها الذين زعموا القداسة لأنفسهم أو زعمها لهم قوم آخرون ، وكلهم مؤيّدون بالروح القدس .. والروح القدس عندهم هو روح الله الاقنوم الثالث ، وسمي الله روحا لأنه مبدع الحياة : وقدسا لأن من عمله تقديس قلب المؤمن على حد تعبيرهم.
وقد وضع علماء الإسلام عشرات الكتب للدلالة على تحريف التوراة والإنجيل ، منها كتاب «اظهار الحق» للشيخ رحمة الله الهندي ، وفيه مائة شاهد على تحريف التوراة والإنجيل لفظا ومعنى ، أشار الى هذا الكتاب صاحب تفسير المنار عند