الإعراب :
الضمير في «بأنه» للشأن. وجملة تأتيهم خبر مقدم لكانت ورسلهم اسمها. وبشر مبتدأ وجملة يهدوننا خبر ، وجاز الابتداء بالنكرة لمكان الاستفهام.
المعنى :
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). بعض الكائنات تسبّح بلسان المقال ، وبعضها بلسان الحال والدلالة. وتقدم مثله في أول سورة الجمعة (لَهُ الْمُلْكُ) يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء (وَلَهُ الْحَمْدُ) على عظيم إحسانه ونيّر برهانه (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) من غير آلة وروية بل بكلمة «كن».
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). الإنسان ـ في نظر الإسلام ـ بحريته وارادته ، ولا انسانية بلا حرية .. فله أن يختار الايمان حتى ولو كان أبواه كافرين ، وان يختار الكفر حتى ولو كان أبواه مؤمنين ، ولا يجبر على أحدهما دون الآخر .. أبدا لا إكراه في الدين وإلا بطل التكليف والحساب والثواب ، وبعد ان أعطى سبحانه لعبده الحرية التي يكون بها إنسانا أمره بالايمان وفعل الخير ، ونهاه عن الكفر وفعل الشر ، وأقام له الأدلة على حسن ما أمر به وقبح ما نهى عنه ـ من عقله وفطرته ، فآمن بعض الناس وكفر آخرون ، والله عليم بإيمان من آمن وكفر من كفر ، ولكل حسب إيمانه وعمله من الثواب والعقاب.
(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) أي لحكمة بالغة ، ولا شيء وجد في هذا الكون عبثا .. ولا فرق بين القول بالصدقة والقول بأن الشيء ، حتى النظام ، يوجد نفسه بنفسه. وتقدم مثله في الآية ٤ من سورة النحل ج ٤ ص ٤٩٦ (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ). قد يصور الفنان كائنا من الكائنات فيحسن ويتقن الصورة على أكمل وجه ، ولكن لا شيء له إلا التزيين وللتشكيل تماما كالباني يضع حجرا فوق حجر ، أما مادة البناء والتصوير فهي من الذي يقول للشيء : كن فيكون .. والله سبحانه خلق مادة الإنسان بكلمة «كن» وصوّره في أحسن