وفي كثير من التفاسير ان هذه الآيات نزلت في حق الإمام علي بن أبي طالب ، ونثبت منها عبارة الرازي بنصها :
«ذكر الواحدي من أصحابنا ـ أي السنة ـ وصاحب الكشاف من المعتزلة : ان الحسن والحسين (ع) مرضا فعادهما الرسول (ص) في أناس معه ، فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك ، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما ان شفاهما الله تعالى أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا ، فاستقرض علي ثلاثة أصوع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعا ، واختبزت خمسة أقراص على عددهم ، ووضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، مسكين أطعموني ، أطعمكم الله من الجنة ، فآثروه ولم يذوقوا إلا الماء ، وأصبحوا صائمين ، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف يتيم فآثروه ، وجاءهم أسير في الليلة الثالثة ، ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا أبصرهم رسول الله يرتعشون كالفراخ فقال : ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم ، فنزل جبريل وقال : خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك ، فاقرأ هذه السورة».
(مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً). ضمير «فيها» للجنة ، والأرائك السرر ، والشمس كناية عن الحر ، والزمهرير البرد ، والمعنى واضح. وتقدم مثله في الآية ٣١ من سورة الكهف (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً). جاء في كتب اللغة ان دانية تكون بمعنى قريبة ، وبمعنى ناعمة ، وهذا المعنى يناسب الظل وهو الفيء ، وأيضا يناسب كلمة «عليهم» ولو كان المعنى قريبة لقال تعالى «اليهم». وتذليل العناقيد معناه انها في متناول الأيدي لا يحول دونها حائل. وتقدم مثله في الآية ٢٣ من سورة الحاقة.
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً). واو الجماعة في قدروها تعود الى متكئين ، وهم أهل الجنة تماما مثل واو (لا يَرَوْنَ فِيها) وعليه يكون المعنى ان صفة الأكواب لونا وحجما هي كما يشاء أهل الجنة ، وكما قدروها في نفوسهم وتصوروها في أذهانهم.
وذكر المفسرون سؤالا حول هذه الآية ، وهو ان قوارير جمع قارورة ، وهي وعاء الزجاج فكيف يتفق هذا مع قوله : «من فضة»؟ وهل يستقيم قول