الصدع صفة للأرض. انه لقول فصل جواب القسم. ورويدا صفة لمفعول مطلق محذوف أي امهالا رويدا والمعنى امهالا قليلا.
المعنى :
(وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ). كل ما علاك فهو سماء ، وكل ما أتاك ليلا فهو طارق ، ولا يكون الطروق إلا في الليل ، والمراد بالطارق هنا النجم الثاقب لأن النجم لا يظهر إلا ليلا ، والثاقب هو المضيء ، تقول العرب : أثقب نارك أي أضئها ، وقد وصف به النجم لأن ضوأه يثقب الظلام ، كأنّ الظلام جلد أسود ، والنجم يثقبه بضوئه ، وصيغة وما أدراك تشعر بتفخيم الشيء وتعظيم شأنه .. اقسم سبحانه بالنجم المضيء لينبه الى ما فيه من عظيم النفع ، وعجيب الصنع ، اما المقسم عليه فقد أشار اليه سبحانه بقوله (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) يحفظ أقوالها وأعمالها ، ويحصي حركاتها وأسرارها حتى ينتهي أجلها ، وتلقى ربها ، فتجد عنده ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء ، وبتعبير ثان (وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) ـ ١٧ الإسراء ج ٥ ص ٣٢.
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ، خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ).
الماء الدافق هو النطفة ، والصلب كل عظم من الظهر فيه فقار ، والترائب موضع القلادة من الصدر ، والمراد بالصلب صلب الرجل ، وبالترائب ترائب المرأة ، وهما مصدر النطفة التي يتولد منها الإنسان ، ومنذ أمد غير بعيد اهتدى العلم الحديث الى هذه الحقيقة التي جاءت على لسان الأمي العربي ، ومعنى الآية إذا عرفت أيها الإنسان ان الله سبحانه يعلم سرك وجهرك فعليك أن تنظر الى نفسك ، وتفكر في وجودك ، فلقد بدئت من نطفة خرجت من ظهر أبيك وترائب أمك ، ثم وضعت في قرار مكين الى أجل معلوم .. الى ان صرت في أحسن تقويم مملوءا بالحياة والعاطفة والإدراك ، فكر وتدبر ذلك لتعلم ان الذي أنشأك وهداك قادر على ان يعيدك ثانية الى الحياة ، وهذا معنى قوله تعالى : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ). فالنشأة الأولى تشهد بالنشأة الثانية (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ).