(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ). عاد قوم هود ، وارم اسم قبيلة عاد نسبة الى أحد أجدادها المسمى بإرم. وقال الشيخ محمد عبده : المراد بالعماد هنا أعمدة خيامهم ، أو هو كناية عما كان لهم من القوة والمنعة .. والأقرب الى الصواب ان المراد بالعماد هنا المباني والمصانع لأن نبيهم قال لهم مقرعا : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) ـ ١٢٨ الشعراء. أجل ، نحن مع الشيخ محمد عبده في قوله : «روى المفسرون هنا حكايات في تصوير إرم ذات العماد ، كان يجب أن ينزه عنها كتاب الله ، فإذا وقع اليك شيء من كتبهم ، فتخط ببصرك ما تجده في وصف إرم وإياك ان تنظر فيه». وتقدم الكلام عن عاد ونبيهم هود في ج ٣ ص ٣٤٧ وج ٤ ص ٢٣٩ وج ٥ ص ٥٠٨ وغير ذلك.
(وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ). ثمود قوم صالح ، وجابوا الصخر إشارة الى ما جاء في الآية ١٤٩ من سورة الشعراء : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ). وتقدم الكلام عن ثمود ونبيهم صالح في ج ٣ ص ٣٥٠ وج ٤ ص ٢٤٤ وج ٥ ص ٥١١ وج ٦ ص ٢٦ وغير ذلك (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) أي المباني العظيمة الثابتة كالأهرام (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ). الذين وما بعده صفة لعاد وثمود وفرعون ، وخص سبحانه السوط لأنه يومئ الى تكرار العذاب ، وقد أخذ سبحانه عادا بالريح ، وثمود بالصيحة ، وفرعون وقومه بالغرق (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ). هذا جواب القسم في أول السورة ، وقيل الجواب محذوف والتقدير ليعذبن المجرمين ، والنتيجة واحد على التقديرين ، والمعنى واضح ، وهو انه تعالى يعلم مقاصد العباد وأفعالهم ، ويجازيهم بحسبها.
(فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ). الإنسان هنا اسم جنس ، وأكرمه ونعمه وسع عليه في الرزق ، وقدر عليه ضيق عليه ، والابتلاء الاختبار ، ومعنى اختباره سبحانه لعبده ان يوجد له سببا يظهره على حقيقته كالغنى والفقر ، فان شكر مع الغنى وصبر مع الفقر استحق الثواب ، وان كفر مع الفقر وطغى مع