عن الأسباب المؤدية اليها ، وهي محارم الله ، وعليه يكون المراد بالاتقى التقي (الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى). يؤتى من الإيتاء ، وهو الإعطاء ، والمعنى يعطي ماله وينفقه في سبيل الخير ليطهر نفسه من الذنوب ، ويتقرب الى الله ، ولا ينفقه للشهرة والاستعلاء ، ولا للتجارة والرياء.
(وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى). قد يكون الإنفاق بدافع الشهرة والظهور ، أو من باب هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، كما لو أهديت من أسدى اليك يدا لترد اليه إحسانه ، وقد يكون الإنفاق بقصد الربح والتجارة ، فتنفق بيد لتأخذ باليد الأخرى كما ينفق رجال السياسة على المشاريع الخيرية وغيرها أيام الانتخابات لاكتساب الأصوات .. والمؤمن لا يقصد شيئا من ذلك أو غيره (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) طالبا ثوابه خائفا من عذابه (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً) ـ ٩ الإنسان. (وَلَسَوْفَ يَرْضى). يعطي الله من أنفق لوجهه كل ما يرضيه ، وفوق ما كان يرجو ويأمل. وقيل : الضمير في يرضى يعود الى الله لا الى الأتقى ، والمعنى واحد على التقديرين لأن الله إذا رضي على عبده أرضاه لا محالة.
وقال الشيخ محمد عبده : روى المفسرون هنا أسبابا للنزول ، وان الآيات نزلت في أبي بكر ، ومتى وجد شيء من ذلك في الصحيح لم يمنعنا من التصديق به مانع ، ولكن معنى الآيات لا يزال عاما.