نزول الوحي عليه الى يوم القيامة لأنه ما من يوم يمر إلا ويولد فيه المئات من المسلمين ، بالاضافة الى من يدخل في دين الله من الأمم والطوائف ، وكل ذلك كسب لمحمد (ص) ورسالة محمد ، ومعنى الآية ان الله سبحانه سيزيدك يا محمد من فضله يوما بعد يوم حتى قيام الساعة ، وفوق ذلك أنت في الآخرة أجلّ وأعظم ، فهل يرضيك هذا؟ وهل لك وراءه من مطلب؟ ثم ذكر سبحانه نبيه الكريم بجانب من نعمه عليه قبل البعثة ، وكأنه يقول له : لقد أنعمت عليك منذ يومك الأول الى ما لا نهاية. وهذه بعض النعم السابقة على البعثة :
١ ـ (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى). هذا الاستفهام لتقرير الواقع أي لقد كنت كذلك. قال الشيخ محمد عبده : «كان النبي (ص) يتيما لأن والده توفي بالمدينة ، وهو في بطن أمه ، فكفله جده عبد المطلب خير كفالة ، ثم مات جده وهو في الثامنة من عمره ، فكفله عمه أبو طالب بوصية من أبيه عبد المطلب ، وكان شديد العناية به في صغره ، عظيم المحبة له في كبره ، وما زال يحميه وينصره بعد ان أكرمه الله بالنبوة حتى قبض ، فتجرأت عليه قريش بعد موت عمه حتى اضطرته الى الهجرة ، فذاك إيواء الله لنبيه وهو يتيم».
٢ ـ (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى). اختلف المفسرون ما هو المراد بالضلال هنا؟ وقد أنهى الرازي أقوالهم الى عشرين قولا! .. أقربها الى الصواب والواقع ان النبي (ص) كان حائرا في أمر قومه ، وضلالهم في عقائدهم وتقاليدهم ، وفساد أعمالهم وجهلهم وتفرق كلمتهم .. ولا يدري ما هو السبيل الى هدايتهم حتى نزل عليه الوحي فيه تبيان كل شيء ، وهدى ورحمة للعالمين ، فضلال النبي (ص) : حيرته كيف يهدي الكافرين ، وهداه نزول القرآن عليه.
٣ ـ (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى). العائل هو الفقير سواء أكان عنده عيال أم لم يكن ، وقال الرواة : ان الرسول (ص) لم يرث من أبيه إلا ناقة وجارية ، ولكن الله قد أغناه برعاية عمه أبي طالب ، ومال خديجة بنت خويلد ، وبالغنائم.
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ). ومن كان يتيما وفقيرا فما أجدره برعاية الفقراء والأيتام والاهتمام بشأنهم .. وليس من شك ان هذا تعريض وتأديب لكل من حاول أو يحاول أن يقهر يتيما أو ينهر فقيرا والا فإن رسول