من باب إضافة الشيء الى نفسه مثل مسجد الجامع. لترونّ اللام في جواب القسم. لترونها تأكيد لترون. لتسألن اللام في جواب القسم. ويومئذ منصوب بتسألن.
المعنى :
(أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ). ألهاكم شغلكم وصرفكم عن الحق وصالح الأعمال ، والتكاثر التفاخر بكثرة الأموال وما إليها من قول المباهي : أنا أكثر منك مالا أو جاها (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ). مضيتم في الغفلة والضلال حتى أدرككم الموت. وللإمام علي (ع) كلام طويل قاله بعد تلاوة هذه الآية الكريمة ، وقد أدرج في نهج البلاغة ، ومنه «أبمصارع آبائهم يفخرون؟ أم بعديد الهلكى يتكاثرون؟ ولأن يكونوا عبرا أحق من أن يكونوا مفتخرا».
(كَلَّا) ارتدعوا عن التكاثر والتفاخر فإنه لا يجديكم نفعا (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما يحل بكم من العذاب (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ). هذا تأكيد للتهديد (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) أي لو كنتم تعلمون علما قاطعا مآل المتكاثرين لارتدعتم عن التكاثر والتفاخر ، وفيه إيماء الى ان العلم بلا عمل هو والجهل سواء ، وفي ذلك يقول الإمام (ع) : «العلم يهتف بالعمل ، فان أجابه وإلا ارتحل عنه». (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ). هذا تهديد لمن كذب بها أو آمن ولم يعمل بموجب إيمانه ، وقد كنّى سبحانه برؤية الجحيم عن الدخول فيها (ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ). هذا تأكيد للعلم بها ، وانه علم العيان والمشاهدة ، وتجدر الاشارة الى ان أية نظرية لا تستند الى العيان والمشاهدة مباشرة أو بالواسطة فما هي من العلم في شيء ، فالعلم الحق هو ان ترى الشيء نفسه ، أو ترى آثاره التي تدل عليه ، ويسمى الأول علم العيان ، والثاني علم البرهان.
(ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ). المراد بالنعيم هنا الأموال التي يتكاثر ويتفاخر بها أربابها بلسان المقال أو الحال ، وهم مسؤولون عنها أمام الله : من أين اكتسبوها؟ وفي أي شيء أنفقوها؟ هل اكتسبوها من كد اليمين وعرق الجبين ، أو من السلب والتهب؟. وهل أنفقوها في حلال أو حرام؟ أما ما تدعو اليه الحاجة من المأكل والملبس والمسكن فليس من النعيم المقصود في هذه الآية.