اللسان فلا حرج». (الْخَنَّاسِ) من خنس إذا تأخر وتنحى ، والمراد بهذا الوصف هنا ان الإنسان إذا تنبه للوسوسة الشيطانية ، وتعوذ بالله منها مخلصا ذهبت عنه واختفت.
(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ). ظاهر الآية يدل بوضوح ان الموسوس اليه نوع واحد ، وهم الناس فقط ، أما الذي يوحي بالوسوسة فنوعان : أحدهما من الجن والآخر من الانس ، ووسوسة انسيّ لإنسيّ مثله أن يزين له الجريمة ويغريه بها ، وهذا واضح وكثير ، أما كيف يوسوس جنيّ لإنسيّ فالله أعلم .. وقد يكون المراد بوسوسة الجن للانس حديث النفس الذي ينبع من داخلها لا من أقوال الآخرين .. وأيا كان مصدر الوسوسة فإن على العبد أن يلجأ الى ربه ويعتصم به وحده من كل شر سواء أكان من نفسه أم من غيره.
وكان الفراغ من هذا التفسير مساء ١٥ جمادى الآخرة من سنة ١٣٩٠ ه الموافق ١٨ آب سنة ١٩٧٠ م ، وقد استغرق حوالي أربع سنوات من العمل المتواصل ليل نهار.
والحمد لله الذي أعانني على تفسير قرآنه ، وسهّل عليّ توضيح بيانه ، وهو سبحانه وحده المسئول أن يجعلني من المعتصمين بحبله ، ويجعله لي ذخيرة ليوم تذخر له الذخائر ، وتبلى فيه السرائر ، وان يزيدني من فضله وإحسانه .. انه منّان كريم. والصلاة على محمد وآله الطيبين.