بالصدق والإخلاص لله ورسوله ، والمراد بالسكينة الراحة والاطمئنان ، وبالفتح القريب صلح الحديبية حيث كان من آثاره دخول المسلمين مكة معتمرين على كره من قريش ، وفي رواية ان عمر بن الخطاب سأل النبي (ص) : أفتح هو يا رسول الله؟ قال : نعم. أما المغانم الكثيرة فقال المفسرون أو أكثرهم : ان المراد بها مغانم خيبر لأنها اشتهرت بكثرة الأموال والعقار ... والأرجح انها كل غنيمة حصل عليها أهل بيعة الرضوان لأن الله سبحانه أطلق كلمة الغنائم ولم يقرنها بشيء خاص ، وخلاصة المعنى ان الله سبحانه منّ على أهل بيعة الرضوان بالطمأنينة وصلح الحديبية وبنعم كثيرة لأنه قد علم منهم الإخلاص في دينهم والصدق في عزمهم على الجهاد في سبيله تعالى (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً). وكل نجاح ناله المسلمون ودفع بهم إلى الأمام فهو أثر من آثار عزة الله وقدرته ، وتدبيره وحكمته.
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها). المغانم الكثيرة هنا كل ما غنمه المسلمون في عهد الرسول (ص) وبعده ، وعليه يكون الفرق بين المغانم المذكورة في الآية السابقة والمغانم المذكورة في هذه الآية ـ ان الأولى تختص بأهل بيعة الرضوان تحت الشجرة ، والثانية لجميع المسلمين في كل زمان ومكان (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ) الاشارة بهذه الى حادثة صلح الحديبية لأن هذا الصلح هو الذي عجله الله للمسلمين ، أما مغانم خيبر فقد كانت بعد هذا الصلح ، ولولا كلمة «هذه» لقلنا : المعجل الصلح ومغانم خيبر معا.
(وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ). قال الطبري : اختلف أهل التأويل في المراد بهؤلاء الناس. فقيل : انهم اليهود. وقال آخرون : انهم قريش ... وفي رأينا ان المراد بهم أعداء الإسلام والمسلمين الذين حاولوا القضاء عليه وعليهم ، وما منعهم إلا الضعف والعجز (وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ). في تكون ضمير يعود إلى حادثة صلح الحديبية ، وقد جعلها الله علامة للمؤمنين على انه معهم وناصرهم على أعدائهم ... ولم تمض الأيام حتى تبين للمؤمنين ان صلح الحديبية كان خيرا لهم وشرا على المشركين (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) الى كل ما يعود عليكم بالنفع دنيا وآخرة.
(وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها). أخرى صفة لمغانم محذوفة ،