وقد تكون بمعنى السبب كقوله وآله وسلّم : «في النّفس المؤمنة مائة من الإبل» (١) أي : تجب بقتلها الإبل ، ووجه المجاز أنّ السبب يتضمّن الحكم ، والحكم يلازمه فصار للحكم كالظرف الحافظ لما فيه.
فصل : وأمّا (على) (٢) وتكون حرف جرّ وحقيقتها للدلالة على الاستعلاء كقولك : زيد على الفرس فتكون مجازا فيما ما يغلب الإنسان كقولك : (عليه كآبة) أي : تغلبه وتظهر عليه وعليه دين ، أي : لزمه الانقياد بسببه كانقياد المركوب لراكبه وهو معنى قول الفقهاء : (على) للإيجاب.
__________________
(١) أخرجه النسائي (٤٨٥٥) ، وأخرجه الدارمي في سننه (٢٣٦٥) ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج ٨ / ١٨ ، وأخرجه الشافعي في مسنده (١٥٨٣).
(٢) على لها ثمانية معان :
١ ـ الاستعلاء ، حقيقة كان ، كقوله تعالى (وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) أو مجازا ، كقوله (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) ونحو «لفلان عليّ دين». والاستعلاء أصل معناها.
٢ ـ معنى «في» ، كقوله تعالى (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) أي في حين غفلة.
إذا رضيت عليّ بنو قشير |
|
لعمر الله أعجبني رضاها |
أي إذا رضيت عني.
٤ ـ معنى اللام ، التي للتعليل ، كقوله تعالى (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) أي «لهدايته إيّاكم» ، وقول الشاعر
علام تقول الرّمح يثقل عاتقي |
|
إذا أنا لم أطعن ، إذا الخيل كرّت |
أي لم تقول؟
٥ ـ معنى «مع» ، كقوله تعالى (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) أي مع حبه ، وقوله (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) مع ظلمهم.
٦ ـ معنى «من» ، كقوله سبحانه (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) أي اكتالوا منهم.
٧ ـ معنى الباء ، كقوله تعالى (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ) أي حقيق بي ، ونحو «رميت على القوس» ، أي رميت مستعينا بها ، ونحو «اركب على اسم الله» ، أي مستعينا به.
٨ ـ الاستدراك ، كقولك «فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه ، على أنه لا ييأس من رحمة الله» ، أي لكنّه لا ييأس. ومنه قول الشاعر
بكلّ تداوينا. فلم يشف ما بنا |
|
على أنّ قرب الدّار خير من البعد |
على أنّ قرب الدّار ليس بنافع |
|
إذا كان من تهواه ليس بذي ودّ |