والثالث : أنّها نقيضّة : (كم) وكم اسم فما يقابله اسم يدلّ عليه أنّها جاءت للتكثير ك (كم).
والجواب : أمّا الإخبار عن (ربّ) فغير مستقيم ؛ لأن (ربّ) ليس لها معنى في نفسها حتّى يصحّ نسبة الخبر إليها ؛ ولذلك تكون الصفة تابعة للمجرور ب (ربّ) في التذكير والتأنيث والإفراد والجمع و (ربّ) متّحدة المعنى فعلم أنّ الخبر ليس عن : (ربّ) (١) فأمّا قوله : ربّ قتل عار فشاذّ ، والوجه فيه : أنّه خبر مبتدأ محذوف ، أي : (هو عار) والجملة صفة لقتل ، وأمّا الفعل الذي تتعلّق به (ربّ) فيجوز إضهاره غير أنّهم اكتفوا بالصفة عنه في كثير من المواضع لظهور معناه ، وأمّا حملها على (كم) فلا يصحّ لوجهين :
أحدهما : أن الاسميّة لا تثبت في معنى بالإلحاق في المعنى ألا ترى أنّ معنى (من) التبغيض ولا يقال هي اسم ؛ لأنها التبعيض ، وكذلك معنى (ما) النفي وهي حرف وهو اسم فعلم أنّ الاسمّية تعرف من أمر آخر.
__________________
(١) ربّ تكون للتّقليل وللتّكثير ، والقرينة هي التي تعيّن المراد. فمن التقليل قول الشاعر :
ألا ربّ مولود ، وليس له أب |
|
وذي ولد لم يلده أبوان |
يريد بالأول عيسى ، وبالثاني آدم ، عليهماالسلام. ومن التكثير حديث «يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة» ، وقول بعض العرب عند انقضاء رمضان «يا ربّ صائمه لن يصومه ويا ربّ قائمه لن يقومه».
واعلم أنه يقال «ربّ وربّة وربّما وربّتما». والتاء زائدة لتأنيث الكلمة ، و «ما» زائدة للتوكيد. وهي كافة لها عن العمل.
وقد تخفّف الباء. ومنه قوله تعالى (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ.)
ولا تجرّ «ربّ» إلا النكرات ، فلا تباشر المعارف. وأمّا قوله «يا ربّ صائمه ، ويا ربّ قائمه» المتقدّم ، فإضافة صائم وقائم إلى الضمير لم تفدهما التعريف ، لأنّ إضافة الوصف إلى معموله غير محضة ، فهي لا تفيد تعريف المضاف ولا تخصيصه ، لأنها على نيّة الانفصال ، ألا ترى أنك تقول «يا ربّ صائم فيه ، ويا ربّ قائم فيه».
والأكثر أن تكون هذه النكرة موصوفة بمفرد أو جملة. فالأول نحو «ربّ رجل كريم لقيته». والثاني نحو «ربّ رجل يفعل الخير أكرمته». وقد تكون غير موصوفة ، نحو «ربّ كريم جبان».
وقد تجرّ ضميرا منكّرا مميّزا بنكرة. ولا يكون هذا الضمير إلا مفردا مذكّرا. أما مميّزه فيكون على حسب مراد المتكلم مفردا أو مثنّى أو جمعا أو مذكرا أو مؤنثا ، تقول «ربّه رجلا. ربّه رجلين. ربّه رجالا. ربّه امرأة. ربّه امرأتين. ربّه نساء». قال الشاعر
ربّه فتية دعوت إلى ما |
|
يورث الحمد دائبا ، فأجابوا. |