ومن المفعول قول الآخر (١) :
ودعوا نزال فكنت أوّل نازل |
|
وعلام أركبه إذا لم أنزل |
ومنها أنّ الألف واللام دخلتا على بعضها كقولهم : النجاء بمعنى أنج.
فصل : وفائدة وضع هذه الأشياء من وجهين :
أحدهما : أنّه أبلغ في المعنى من الألفاظ التي نابت عنها.
والثاني : الاختصار ، فإنّه لا يظهر فيها علم التثنية والجمع والتأنيث إذ كانت اسما والامر يظهر فيه ذلك.
فصل : ومعظم هذه الأسماء تنوب عن الأمر للمخاطب ، وإنّما كان ذلك لوجهين ؛ أحدهما : أنّ المخاطب يتنبّه للمراد منه بالإشارة وما هو أخفى منها ؛ فإذا لم يكن اللفظ صريحا في الدلالة على المعنى كهذه الأسماء خص بها المخاطب ليقوى بالمواجهة.
والوجه السابع : أنّ يكون في الصفة الألف واللام كقولك : مررت بالرجل الحسن ، فإن كان (الوجه) بعدها فيه الألف واللام ففيه الرفع والنصب والجرّ على ما تقدّم ، وإن كان (وجهه) بالهاء ففيه الرفع والنصب على ما تقدّم ، وأمّا الجرّ فممتنع ؛ لأن الإضافة مع الألف واللام في الأوّل لا تكون إلا إذا كان في المضاف إليه الألف واللام لما بينهما من المشابهة وهنا التعريفان مختلفان ، وقد وقع في هذا الوجه خمسة أوجه جائزه وواحد ممتنع ، فإمّا أن يكون الوجه نكرة والصفة نكرة فالأوجه الثلاثة جائزة ؛ لأنه قد علم أنّه لا يريد إلا وجه الممرور به وإن كان في الصفة الألف واللام فالرفع والنصب جائزان والجرّ ممتنع لما تقدم ، فإذن جملة الوجوه الجائزة ستة عشر واثنان ممتنعان.
فصل : وأمّأ (أفعل منك) بعد اسم الفاعل فإنّه لا يثنّى ولا يجمع ولا يؤنّث ، فعند ذلك تقول : (مررت برجل أفضل منه أبوه) فترفع على أنّه خبر متقدّم ، ومثله : (مررت برجل خير منه أبوه وشرّ منه غلامه) ؛ لأن أصل خير وشرّ : (أخير وأشرر) ومن العرب من يعمل أفعل ؛ لأنه وصف مشتقّ.
__________________
(١) البيت من شعر الضبي الشاعر : وهو ربيعة بن مقروم بن قيس بن جابر بن خالد بن عمرو ، ينتهي إلى ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار. شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام. وكان ممن أصفق عليه كسرى ثم عاش في الإسلام زمانا.