تختصّ بالأسماء حتى لو وقع الفعل بعدها مخففة لم تعمل بخلاف أن الخفيفة ؛ ولذلك استعملت اللام مع صريح المصدر ولم تستعمل كي معه وإن كانا سواء في المعنى.
وأمّا الفرق بينها وبين الباء فلأنّ اللّام تدلّ على غرض الفاعل وما من فاعل إلّا وله غرض في الفعل وليس كلّ فعل يكون له سبب تستعمل الباء معه فلمّا كثر استعمال اللام جاز أن تحذف أن لظهور معناها كما كثر حذف ربّ مع الواو والباء في القسم وحذف لا في جوابه.
فصل : وتضمر أن بعد الواو في قولك : لا تأكل السّمك وتشرب اللبن إذا نهيته عن الجمع ونصبه عند الكوفيين على الصّرف وهو معنى الخلاف.
حجّة الأوّلين : أنّ الواو هنا ليست عاطفة في اللفظ ؛ لأن ذلك يوجب كون النّهي عن كلّ واحد منهما وعن الجمع بينهما ، وذلك يوجب جزم الثاني : فإذا لم ترد هذا المعنى عدلت إلى تقدير يصحّ معه هذا المعنى ، وذلك بإضمار أن ليصير المعنى لا تأكل السّمك مع أن تشرب اللّبن لأنّك تريد لا يجمع بينهما والواو ومع تفيدان الجمع ولكن لا يصحّ ذلك إلّا مع أن ؛ لأن الواو لا تعمل بنفسها كما أنّ مع لا تضاف إلى الفعل ومذهب الكوفيين مبنيّ على النصب على الخلاف ، وقد بيّنا فساده.
مسألة : لو رفعت وتشرب اللبن على أن تكون في موضع الحال استقام المعنى والإعراب فأمّا قول الشاعر (١) : [الكامل]
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
__________________
(١) البيت من شعر أبي الأسود الدؤلي : (١ ق. ه ـ ٦٩ ه / ٦٠٥ ـ ٦٨٨ م) وهو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي الكناني.
تابعي ، واضع علم النحو ، كان معدودا من الفقهاء والأعيان والأمراء والشعراء والفرسان والحاضري الجواب.
قيل أن علي بن أبي طالب (رضياللهعنه) رسم له شيئا من أصول النحو ، فكتب فيه أبو الأسود ، وفي صبح الأعشى أن أبا الأسود وضع الحركات والتنوين لا غير ، سكن البصرة في خلافة عمر (رضياللهعنه) وولي إمارتها في أيام علي (رضياللهعنه).
ولم يزل في الإمارة إلا أن قتل علي (رضياللهعنه) ، وكان قد شهد معه (صفين) ولما تم الأمر لمعاوية قصده فبالغ معاوية في إكرامه ، وهو في أكثر الأقوال أول من نقط المصحف ، مات بالبصرة.