فوضع القوابل على النساء وقال : لا يولد العام ولد الا ذبح ، ووضع على أم موسى قابلة فلما رأى ذلك بنو إسرائيل قالوا : إذا ذبح الغلمان واستحيى النساء هلكنا فلم نبق فتعالوا الا نقرب النساء فقال عمران أبو موسى عليهالسلام : بل ائتوهن فان أمر الله واقع ولو كره المشركون ، اللهم من حرمه فانى لا أحرمه ومن تركه فانى لا اتركه ، ووقع على أم موسى فحملت فوضع على أم موسى قابلة تحرسها إذا قامت قامت وإذا قعدت قعدت ، فلما حملته امه وقعت عليها لمحبة وكذلك بحجج الله على خلقه ، فقالت لها القابلة : ما لك يا بنية تصفرين وتذوبين؟ قالت : لا تلوميني فانى إذا ولدت أخذ ولدي فذبح ، قالت : لا تحزني فانى سوف اكتم عليك فلم تصدقها ، فلما ان ولدت التفتت إليها وهي مقبلة فقالت : ما شاء الله ، فقالت لها : الم أقل : انى سوف اكتم عليك ثم حملته فأدخلته المخدع (١) وأصلحت أمره ، ثم خرجت الى الحرس فقالت : انصرفوا ـ وكانوا على الباب ـ فانما خرج دم مقطع ، فانصرفوا فأرضعته ، فلما خافت عليه الصوت أوحى الله إليها ان اعملي التابوت ثم اجعليه فيه ثم أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل مصر ، فوضعته في التابوت ثم دفعته في اليم فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في الغمر (٢) وان الريح ضربته فانطلقت ، به فلما رأته قد ذهب به الماء همت أن تصيح ، فربط الله على قلبها.
قال : وكانت المرأة الصالحة امرأة فرعون وهي من بنى إسرائيل قالت لفرعون : انها أيام الربيع فأخرجني واضرب لي قبة على شط النيل حتى أتنزه هذه الأيام ، فضربت لها قبة على شط النيل إذ أقبل التابوت يريدها ، فقالت : هل ترون ما أرى على الماء؟ قالوا : اى والله يا سيدتنا انا لنرى شيئا. فلما دنى منها ثارت (٣)
__________________
(١) المخدع ـ بكسر الميم وضمها ـ بيت يكون داخل البيت الكبير يحرز فيه الشيء وضم الميم بناء على انه اسم مكان من الخدع ، : إذا أخفاه ، وكسرها بناء على انه اسم آلة من الخدع بمعنى الإخفاء.
(٢) الغمر : معظم الماء.
(٣) كذا في النسخ لكن في المصدر وكذا المنقول عنه في البحار «قامت» بدل «ثارت».