سبحانه يقول على مقتضى اعتقادهم : انك يا محمد تريد ايمانه ولا أريد ايمانه ، ولا أخلق فيه الايمان مع تكلفه بنصرتك وبذل مجهوده في أعانتك ، والذب عنك ومحبته لك ونعمته عليك ، وتكره أنت ايمان وحشي لقتله حمزة عمك وانا أريد ايمانه وأخلق في قلبه الايمان وفي هذا ما فيه وقد ذكرنا في سورة الانعام ان أهل البيت عليهمالسلام قد أجمعوا على أن أبا طالب مات مسلما. وتظاهرت الروايات بذلك عنهم ، وأوردنا هناك طرفا من أشعاره الدالة على تصديقه للنبي صلىاللهعليهوآله ، وتوحيده ، فان استيفاء جميعه لا يتسع له الطوامير ، وما روى من ذلك في كتب المغازي وغيرها أكثر من أن يحصى ، يكاشف فيها من كاشف النبيصلىاللهعليهوآله ويناضل عنه ويصحح نبوته ، وقال بعض الثقات : ان قصائده في هذا المعنى التي تنفث في عقد السحر وتغبر في وجه الشعر الدهر تبلغ قدر مجلد وأكثر من هذا ، ولا شك في انه لم يختر تمام مجاهرة الأعداء استصلاحا لهم ، وحسن تدبيره في دفع كيادهم لئلا يلجئوا الرسول الى ما ألجئوه اليه بعد موته.
٩٠ ـ في جوامع الجامع وقالوا : ان الآية نزلت في أبى طالب وقد ورد عن أئمة الهدى عليهمالسلام ان أبا طالب مات مسلما وأجمعت الامامية على ذلك وأشعاره مشحونة بالإسلام وتصديق النبي صلىاللهعليهوآله (١).
٩١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن على بن عقبة عن أبيه قال قال أبو عبد الله عليهالسلام : اجعلوا أمركم هذا الله ، ولا تجعلوه للناس فاما ما كان لله فهو لله ، وما كان للناس فلا يصعد الى السماء ، ولا تخاصموا بدينكم الناس فان المخاصمة ممرضة للقلب ، ان الله عزوجل قال نلبيه صلىاللهعليهوآله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وقال : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) ذروا الناس فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم عن رسول الله صلىاللهعليهوآله و
__________________
(١) وقد تفرد العلامة الأميني دام ظله في كتابه «الغدير» بابا في إسلام ابى طالب والذب عما قيل في عدم إسلامه سلام الله عليه وذكر طرفا من اشعاره وكلماته المنبئة عن ايمانه بالنبي (صلىاللهعليهوآله) وبما جاء به من الله الحكيم فراجع ج ٧ : ٣٣١ ـ ٤٠٩ وج ٨ : ٣ ـ ٢٩. ط طهران.