الثانية آذر والثالثة دى والرابعة بهمن والخامسة إسفندار والسادسة فروردين والسابعة آذر بهشت والثامنة ارذار (١) والتاسعة مرداد والعاشرة تير والحادي عشرة مهر والثاني ـ عشرة شهريور وكانت أعظم مدائنهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمى تركوذ بن عابور بن يارش بن سار بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليهالسلام وبها العين والصنوبرة وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة ، وحرموا ماء العين والأنهار ولا يشربون منها ولا أنعامهم ، ومن فعل ذلك قتلوه ويقولون هو حيوة آلهتنا ، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حيوتها ويشربون هم وأنعامهم عن نهر الرس الذي عليه قراهم ، وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع اليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة (٢) من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشياة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة ، ويشتعلون فيها النيران بالحطب ، فاذا سطع دخان الذبائح وقتارها (٣) في الهواء ، وحال بينهم وبين النظر الى السماء خروا سجدا للشجرة يبكون ويتضرعون إليها أن ترضى عنهم ، وكان الشيطان يجيء ، فيحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبى : انى قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف (٤) ويأخذون الدست بند ، فيكون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون ، وانما سمت العجم شهورها بابان ماه وآذر ماه وغيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى ، لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا ، وعيد شهر كذا ، حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع عليها صغيرهم وكبيرهم ، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرادقات من ديباج عليه أنواع الصورة اثنى عشر بابا ، كل باب لأهل قرية منهم ويسجدون
__________________
(١) كذا في النسخ وفي المصدر «اردى بهشت» بدل «آذربهشت» و «خرداد» مكان «ارذار».
(٢) الكلة ـ بالكسر ـ : الستر الرقيق. غشاء رقيق يخاط كالبيت يتوقى به من البعوض ويقال له بالفارسية «پشه بند».
(٣) القتار ـ بالضم ـ : الدخان من المطبوخ.
(٤) المعازف : آلات الطرب كالطنبور والعود.