فان الشيء الذي يبلغ به ذلك الفعل والحيلة عطية وهبة من الله عزوجل في خلقه ، فانه لو لم يكن له لسان مهيأ للكلام وذهن يهتدى به للأمور لم يكن ليتكلم أبدا ، ولو لم يكن له كف مهياة وأصابع للكتابة لم يكن ليكتب أبدا واعتبر ذلك من البهائم التي لا كلام لها ولا كتابة فاصل ذلك فطرة الباري جل وعز وما تفضل به على خلقه فمن شكر أثيب (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ).
٢٨ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن على بن الحكم عن حماد بن عبد الله الغرا عن معتب انه أخبره ان أبا الحسن الاول لم يكن يرى له ولد فأتاه يوما اسحق ومحمد أخواه وأبو الحسن يتكلم بلسان ليس بعربي ، فجاء غلام سقلابي (١) فكلمه بلسانه ، فذهب فجاء بعلى ابنه فقال لإخوته : هذا على إبني فضموه اليه واحدا بعد واحد فقبلوه ثم كلم الغلام بلسانه ، فذهب به ثم تكلم بلسان غير ذلك اللسان ، فجاء غلام اسود فكلمه بلسانه ، فذهب فجاء بإبراهيم فقال : هذا إبراهيم إبني فكلمه بكلام ، فحمله فذهب به فلم يزل يدعو بغلام بعد غلام ويكلمهم حتى جاء بخمسة أولاد ، والغلمان مختلفون في أجناسهم وألسنتهم.
٢٩ ـ محمد بن عيسى عن على بن مهزيار قال : أرسلت الى أبى الحسن عليهالسلام غلامي وكان سقلابيا قال : فرجع الغلام الى متعجبا فقلت : له ما لك يا بنى؟ قال : كيف لا أتعجب؟! ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا فظننت انه انما دار بينهم.
٣٠ ـ احمد بن محمد عن أبى القاسم وعبد الله بن عمران عن محمد بن بشير عن رجل عن عمار الساباطي قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يا عمار «أبو مسلم وظلله وكسا فكسحه مسطورا» قلت : جعلت فداك ما رأيت نبطيا أفصح منك ، فقال : يا عمار وبكل لسان.
٣١ ـ وروى عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبى عمير وعن بعض رجاله عن أبى عبد الله عليهالسلام يرفع الحديث الى الحسن بن على صلوات الله عليهما وعلى آبائهما انه قال : ان
__________________
(١) السلقب : جيل من الناس.