وأقبلت قريش فلما نظروا الى الخندق قالوا : هذه مكيدة ما كانت العرب تعرفها قبل ذلك ، فقيل لهم : هذا من تدبير الفارسي الذي معه ، فوافى عمرو بن عبد ود وهبيرة بن وهب وضرار بن الخطاب الى الخندق ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد صف أصحابه بين يديه فصاحوا بخيلهم حتى ظفروا الخندق (١) الى جانب رسول الله فصاروا أصحاب رسول الله كلهم خلف رسول الله وقدموا رسول الله صلىاللهعليهوآله بين أيديهم ، وقال رجل من المهاجرين وهو فلان لرجل بجنبه من إخوانه : اما ترى هذا الشيطان عمروا لا والله ما يفلت من يديه أحد ، فهلموا ندفع اليه محمدا ليقتله ونلحق نحن بقومنا ، فأنزل الله عزوجل : على نبيه صلىاللهعليهوآله في ذلك الوقت : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) الى قوله تعالى : (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) وركز عمرو بن عبد ود رمحه في الأرض وأقبل يجول جولة ويرتجز ويقول :
ولقد بححت من النداء لجمعكم هل من مبارز |
|
ووقفت إذ جبن الشجاع مواقف القرن المناجز (٢) |
انى كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهز |
|
ان الشجاعة في الفتى والجود من خير الغرايز (٣) |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من لهذا الكلب؟ فلم يجبه أحد فوثب اليه أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال : أنا له يا رسول الله ، فقال : يا على هذا عمرو بن عبد ود فارس يليل (٤)
__________________
(١) الطفرة ـ : الوثبة في ارتفاع.
(٢) بح بححا : اخذه بحة وخشونة وغلظ في صوته والمناجزة في الحرب : المبارزة والمقاتلة.
(٣) الهزاهز : البلايا والحروب والشدائد التي تهز اى تحرك الناس والغريزة الطبيعة.
(٤) يليل : واد قرب من بدر وقيل له فارس يليل لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذ هو ـ