نظرك ، فعاد عليهم القول فقالوا : بلى يا با عمرو فالتفت الى رسول الله صلىاللهعليهوآله إجلالا له فقال : ما ترى بأبى أنت وأمى يا رسول الله؟ قال : احكم فيهم يا سعد فقد رضيت بحكمك فيهم ، فقال : قد حكمت يا رسول الله أن يقتل رجالهم وتسبى نساؤهم وذراريهم وتقسم غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : قد حكمت بحكم الله عزوجل فوق سبعة أرقعة (١) ثم انفجر جرح سعد بن معاذ فما زال ينزفه الدم حتى قضى ، وساقوا الأسارى الى المدينة فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله بأخدود (٢) فحفرت بالبقيع ، فلما أمسى أمر بإخراج رجل رجل فكان يضرب عنقه ، فقال حيي بن أخطب لكعب بن أسيد : ما ترى يصنع بهم؟ فقال له : ما يسوءك اما ترى الداعي لا يقلع (٣) والذي يذهب لا يرجع فعليكم بالصبر والثبات على دينكم فاخرج كعب بن أسيد مجموعة يديه الى عنقه وكان جميلا وسيما (٤) فلما نظر اليه رسول الله صلىاللهعليهوآله قال له : يا كعب اما نفعك وصية ابن الحواس الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام؟ فقال : تركت الخمر والخمير وجئت الى البؤس والتمور لنبي يبعث مخرجه بمكة ومهاجرته في هذه البحيرة يجتزى بالكسيرات والتميرات ويركب الحمار العرى ، في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة ، يضع سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى منكم يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر؟ فقال : قد كان ذلك يا محمد ولولا ان اليهود يعيروني انى جزعت عند القتل لامنت بك وصدقتك ولكني على دين اليهود عليه أحيى وعليه أموت ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قدموه فاضربوا عنقه فضربت ، ثم قدم حيي
__________________
(١) قال الجزري سبعة ارقعة يعنى سبع سماوات ، وكل سماء يقال لها الرقيع والجمع ارقعة. وقيل : الرقيع اسم سماء الدنيا فأعطى كل سماء اسمها.
(٢) الأخدود : الحفرة المستطيلة.
(٣) في البحار «ما يسوؤك» اى لا تحزن من ذلك أو ما استفهامية اى اى شيء يعتريك من السوء فصرت بحيث لا تعقل مثل هذا الأمر الواضح أو موصولة اى الذي يسوءك وهو القتل. وقوله «لا يقلع» اى لا يكف عن دعوتهم وإذهابهم ، يذهب بواحد بعد واحد.
(٤) الوسيم : الحسن الوجه.