٤٩ ـ وعن أبى حمزة الثمالي قال : أتى الحسن البصري (١) أبا جعفر عليهالسلام فقال : لا سألك عن أشياء من كتاب الله فقال له أبو جعفر : الست فقيه أهل البصرة؟ قال قد يقال ذلك فقال له أبو جعفر عليهالسلام : هل بالصبرة أحد تأخذ عنه؟ قال : لا قال فجميع أهل البصرية يأخذون عنك؟ قال : نعم فقال ابو جعفر عليهالسلام : سبحان الله لقد تقلدت عظيما من الأمر بلغني عنك أمر فما أدرى أكذاك أنت أم يكذب عليك؟ قال : ما هو؟ قال : زعموا انك تقول ان الله خلق العباد ففوض إليهم أمورهم؟ قال : فسكت فقال : أرأيت من قال له الله في كتابه : انك آمن ، هل عليك خوف بعد هذا القول منه؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : انى اعرض إليك آية وانهى إليك خطبا ولا أحسبك الا وقد فسرته على غير وجهه ، فان كنت فعلت ذلك فقد هلكت وأهلكت فقال له : وما هو؟ فقال : أرأيت حيث يقول (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) يا حسن بلغني انك أفتيت الناس فقلت : هي مكة! فقال أبو جعفر عليهالسلام : فهل يقطع على من حج مكة وهل يخاف أهل مكة وهل تذهب أموالهم فمتى يكونوا آمنين؟ بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن فنحن القرى التي بارك الله فيها ، وذلك قول الله عزوجل فيمن أقر بفضلنا حيث أمرهم أن يأتونا فقال : (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً) والقرى الظاهرة الرسل والنقلة عنا الى شيعتنا وفقهاء شيعتنا الى شيعتنا وقوله : (وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) والسير مثل للعلم (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً) مثل لما يسير من العلم في الليالي والأيام عنا إليهم في الحلال والحرام و
__________________
(١) هو رئيس القدرية ابو سعيد بن أبى الحسن يسار مولى زيد بن ثابت الأنصاري أخو سعيد وعمارة وأمهم خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي (صلىاللهعليهوآله) وكان أحد الزهاد الثمانية عند الناس وكان يلقى الناس بما يهوون ويتصنع للرياسة قال ابن أبى الحديد : وممن قيل انه يبغض عليا ويذمه الحسن بن أبى الحسن البصري وروى انه كان من المخذلين عن نصرته عليهالسلام وكان ممن دعا عليه أمير المؤمنين عليهالسلام بقوله : أطال الله حزنك ، قال أيوب السجستاني : فما رأينا الحسن قط إلا حزينا كأنه رجع عن دفن حميم أو خربندج ـ اى مكارى ـ ضل حماره فقلت له في ذلك؟ فقال : عمل في دعوة الرجل الصالح.