فضة ان يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم الى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم ، ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه وراى كراهة ذلك في وجه ، وبغضا لكم ومحبة لهم ، قال : فتبسم الباقر عليهالسلام ثم قال : يا إبراهيم هاهنا هلكت العاملة الناصبة (تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ) ، ومن ذلك قال عزوجل : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) ويحك يا إبراهيم أتدري ما السبب والقصة في ذلك وما الذي قد خفي على الناس منه قلت : يا ابن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه قال : يا إبراهيم ان الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شيء ، ومن زعم ان الله عزوجل خلق الأشياء من شيء فقد كفر ، لأنه لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته وهويته كان ذلك الشيء أزليا ، بل خلق عزوجل الأشياء كلها لا من شيء ومما خلق الله عزوجل أرضا طيبة ثم فجر منها ماء عذبا زلالا ، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها ، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ثم نضب ذلك الماء عنها (١) فأخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الائمة عليهمالسلام ، ثم أخذ ثقل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا ولو ترك طينكم يا إبراهيم كما ترك طينتا لكنتم ونحن شيئا واحدا ، قلت : يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا؟ قال : أخبرك يا إبراهيم ، خلق الله عزوجل بعد ذلك أرضا سبخة خبيثة منتنة ، ثم فجر منها ماءا أجاجا آسنا مالحا (٢) فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها ، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ، ثم نضب ذلك الماء عنها ثم أخذ من ذلك فخلق منه الطغاة وأئمتهم ، ثم مزجه بثقل طينتكم ولو ترك طينتهم على حاله ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا امانة ولا أشبهوكم في الصور ، وليس شيء أكبر على المؤمن ان يرى صورة عدوه مثل صورته ، قلت : يا ابن رسول الله فما
__________________
(١) اى غار.
(٢) الآسن : المتغير الطعم.