٨٣ ـ في مجمع البيان وقيل : ان إبراهيم رأى في المنام أن يذبح أبنه إسحاق ، وقد كان حج بوالدته سارة وأهله ، فلما انتهى إلى منى رمى الجمرة هو وأهله ، وأمر سارة فزارت واحتبس الغلام ، فانطلق به إلى موضع الجمرة الوسطى فاستشاره في نفسه فأمره الغلام أن يمضى لما أمره الله وسلما لأمر الله ، فأقبل شيخ فقال : يا إبراهيم ما تريد من هذا الغلام؟ قال : أريد أن أذبحه فقال : سبحان الله تريد ان تذبح غلاما لم يعص الله طرفة عين قط؟ قال إبراهيم : ان الله أمرنى بذلك ، قال : ربك ينهاك عن ذلك وانما أمرك بهذا الشيطان ، فقال إبراهيم : لا والله فلما عزم على الذبح قال الغلام : يا أبت : اخمر وجهي (١) وشد وثاقي ، فقال : يا بنى الوثاق مع الذبح والله لا أجمعها عليك اليوم ، ورفع رأسه إلى السماء ثم انتحى عليه بالمدية (٢) وقلب جبرئيل المدينة على قفاها واجتر الكبش من قبل ثبير (٣) واجتر الغلام من تحته ، ووضع الكبش مكان الغلام ، ونودي من ميسرة مسجد الخيف : (يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) بإسحاق (إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) قال : ولحق إبليس بأم الغلام حين زارت البيت فقال : ما شيخ رأيته بمعنى؟ قالت: ذاك بعلى ، قال : فوصيف رأيته (٤) قالت : ذاك إبني قال : فانى رأيته قد أضجعه وأخذ المدية [ليذبحه] قالت : كذبت ، إبراهيم أرحم الناس فكيف يذبح ابنه؟ قال : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ورب هذه الكعبة قد رأيته كذلك ، قالت : ولم؟ قال : زعم ان ربه أمره بذلك ، قالت : حق له أن يطيع ربه ، فوقع في نفسها أنه قد أمر في ابنها بأمر ، فلما قضت نسكها أسرعت في الوادي راجعة إلى منى واضعة يديها على رأسها وهي تقول : يا رب لا تؤاخذني
__________________
(١) اى استر وجهي.
(٢) انتحى في الأمر : جد. وفي الشيء : اعتمد ، لعله تصحيف «انحى عليه» يقال : أنحى على فلان بالسيف والسوط : أقبل عليه.
(٣) اجتر الشيء : جره. وثبير ـ كأمير ـ : جبل بين مكة وعرفات من أعظم جبال مكة.
(٤) الوصيف ـ كأمير ـ : الخادم قال المجلسي (ره) : وانما عبر الملعون هكذا تجاهلا عن انه ابنه ليكون أبعد عن التهمة.