يجعلك الله خليفة في الأرض تحكم بين الناس؟ فقال لقمان : ان أمرني الله بذلك فالسمع والطاعة لأنه ان فعل بى ذلك أعانني عليه وعلمني وعصمنى ، وان هو خيرنى قبلت العافية ، فقالت الملائكة : يا لقمان لم؟ قال : لان الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين ، وأكثر فتنا وبلاء بأشد ما يخذل ولا يعان ويغشاه الظلم من كل مكان وصاحبه فيه بين أمرين ان أصاب فيه الحق فبالحرى ان يسلم ، وان اخطأ اخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلا وضعيفا كان أهون عليه في المعاد من ان يكون فيه حكما سريا (١) شريفا ومن اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتاهما تزول هذه ولا يدرك تلك ، قال : فتعجب الملائكة من حكمته واستحسن الرحمن منطقه فلما امسى وأخذ مضجعه من الليل انزل الله عليه الحكم فغشاه بها من قرنه الى قدمه وهو نائم ، وغطاه بالحكمة غطاء فاستيقظ وهو احكم الناس في زمانه ، وخرج على الناس ينطق بالحكمة وينهى فيها قال : فلما اوتى الحكم بالخلافة ولم يقبلها امر الله عزوجل الملائكة فنادت داود عليهالسلام بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان ، فأعطاه الله عزوجل الخلافة في الأرض وابتلى بها غير مرة ، كل ذلك يهوى في الخطأ يقيله الله تعالى ويغفر له ، وكان لقمان يكثر زيارة داود عليهالسلام ويعظه بمواعظه وحكمته وفضل علمه ، وكان داود عليهالسلام يقول له : طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة وصرفت عنك البلية ، واعطى داود الخلافة وابتلى بالحكم والفتنة.
٢٨ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : في كتاب على عليهالسلام ان نبيا من الأنبياء شكا الى ربه القضاء فقال : كيف اقضى بما لم ترعينى ولم تسمع اذنى؟ فقال : اقض بينهم بالبينات وأضفهم الى اسمى (٢) يحلفون به ، وقال : ان داود عليهالسلام قال : يا رب أرني الحق كما هو عندك حتى اقضى به ، فقال : انك لا تطيق ذلك فألح على ربه حتى فعل فجاءه رجل يستعدي على رجل فقال : ان هذا أخذ مالي ، فأوحى
__________________
(١) السري : السيد الشريف.
(٢) في القاموس : أضفته اليه : ألجأته.