الخالق في صفة الله بمعنى المحدث الأشياء عن عدم ، وبهذا يكون الخلق أعم من التصوير. ويكون ذكر (الْبارِئُ) و (الْمُصَوِّرُ) بعد (الْخالِقُ) تنبيها على أحوال خاصة في الخلق. قال تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ) [الأعراف : ١١] على أحد التأويلين.
وقال الراغب : الخلق التقدير المستقيم واستعمل في إيداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء ا ه.
وقال أبو بكر ابن العربي في «عارضة الأحوذي» على «سنن الترمذي» : (الْخالِقُ) : المخرج الأشياء من العدم إلى الوجود المقدر لها على صفاتها (فخلط بين المعنيين) ثم قال : فالخالق عام ، والبارئ أخص منه ، والمصور أخص من الأخص وهذا قريب من كلام صاحب «الكشاف». وقال الغزالي في «المقصد الأسنى» : الخالق البارئ المصور قد يظن أن هذه الأسماء مترادفة ولا ينبغي أن يكون كذلك بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود يفتقر إلى تقدير أولا ، وإلى الإيجاد على وفق التقدير ثانيا ، وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثا ، والله خالق من حيث أنه مقدّر وبارئ من حيث إنه مخترع موجود ، ومصور من حيث إنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب اه. فجعل المعاني متلازمة وجعل الفرق بينها بالاعتبار ، ولا أحسبه ينطبق على مواقع استعمال هذه الأسماء.
و (الْبارِئُ) اسم فاعل من برأ مهموزا. قال في «الكشاف» المميز لما يوجده بعضه من بعض بالأشكال المختلفة اه. وهو مغاير لمعنى الخالق بالخصوص. وفي الحديث «من شر ما خلق وذرأ وبرأ». ومن كلام علي رضياللهعنه : لا والذي فلق الحبة وبرأ النّسمة ، فيكون اسم البريئة غير خاص بالناس في قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) [البينة : ٦ ، ٧]. وقال الراغب : البريئة : الخلق.
وقال ابن العربي في «العارضة» : (الْبارِئُ) : خالق الناس من البرى (مقصورا) وهو التراب خاصا بخلق جنس الإنسان ، وعليه يكون اسم البريئة خاصا بالبشر في قوله تعالى : (أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).
وفسره ابن عطية بمعنى الخالق. وكذلك صاحب «القاموس». وفسره الغزالي بأنه الموجود المخترع ، وقد علمت أنه غير منطبق فأحسن تفسير له ما في «الكشاف».
و (الْمُصَوِّرُ) : مكوّن الصور لجميع المخلوقات ذوات الصور المرئية.
وإنما ذكرت هذه الصفات متتابعة لأن من مجموعها يحصل تصور الإبداع الإلهي