من مهور نساء المشركين اللاء أتين إلى بلاد الإسلام وصرن أزواجا للمسلمين.
والكلام إيجاز حذف شديد دل عليه مجموع الألفاظ وموضع الكلام عقب قوله تعالى: (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ).
ولفظ (شَيْءٌ) هنا مراد به : بعض (مِنْ أَزْواجِكُمْ) بيان ل (شَيْءٌ) ، وأريد ب (شَيْءٌ) تحقير الزوجات اللاء أبين الإسلام ، فإن المراد قد فاتت ذاتها عن زوجها فلا انتفاع له بها.
وضمّن فعل (فاتَكُمْ) معنى الفرار فعدّي بحرف (إِلَى) أي فررن إلى الكفار.
و «عاقبتم» صيغة تفاعل من العقبة بضم العين وسكون القاف وهي النوبة ، أي مصير أحد إلى حال كان فيها غيره. وأصلها في ركوب الرواحل والدوابّ أن يركب أحد عقبة وآخر عقبة شبه ما حكم به على الفريقين من أداء هؤلاء مهور نساء أولئك في بعض الأحوال ومن أداء أولئك مهور نساء هؤلاء في أحوال أخرى مماثلة بمركوب يتعاقبون فيه.
ففعل (ذَهَبَتْ) مجاز مثل فعل (فاتَكُمْ) في معنى عدم القدرة عليهن.
والخطاب في قوله : (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ) وفي قوله : (فَآتُوا) خطاب للمؤمنين والذين ذهبت أزواجهم هم أيضا من المؤمنين.
والمعنى : فليعط المؤمنون لإخوانهم الذين ذهبت أزواجهم ما يماثل ما كانوا أعطوه من المهور لزوجاتهم.
والذي يتولى الإعطاء هنا هو كما قررنا في قوله : (آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) [الممتحنة : ١٠] أي يدفع ذلك من أموال المسلمين كالغنائم والأخماس ونحوها كما بينته السنة : أعطى النبي صلىاللهعليهوسلم عمر بن الخطاب ، وعياض بن أبي شداد الفهري ، وشماس بن عثمان ، وهشام بن العاص ، مهور نسائهم اللاحقات بالمشركين من الغنائم.
وأفاد لفظ (مِثْلَ) أن يكون المهر المعطى مساويا لما كان أعطاه زوج المرأة من قبل لا نقص فيه.
وأشارت الآية إلى نسوة من نساء المهاجرين لم يسلمن وهن ثمان نساء : أمّ الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شداد ، وفاطمة بنت أبي أمية ويقال : قريبة وهي أخت أم سلمة كانت تحت عمر بن الخطاب ، وأمّ كلثوم بنت جرول كانت تحت عمر ،