(قالُوا) وهو جواب (إِذا).
فالمعنى : إنك تعلم أنهم يقولون نشهد إنك لرسول الله.
و (نَشْهَدُ) خبر مؤكّد لأن الشهادة الإخبار عن أمر مقطوع به إذ هي مشتقة من المشاهدة أي المعاينة ، والمعاينة أقوى طرق العلم ، ولذلك كثر استعمال : أشهد ونحوه من أفعال اليقين في معنى القسم. وكثر أن يجاب بمثل ما يجاب به القسم قاله ابن عطية. ومعنى ذلك : أن قوله : (نَشْهَدُ) ليس إنشاء. وبعض المفسرين جعله صيغة يمين. وروي عن أبي حنيفة.
والمقصود من قوله : (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) إعلام النبيصلىاللهعليهوسلم وإعلام المسلمين بطائفة مبهمة شأنهم النفاق ليتوسموهم ويختبروا أحوالهم وقد يتلقى النبي صلىاللهعليهوسلم بطريق الوحي تعيينهم أو تعيين بعضهم.
و (الْمُنافِقُونَ) جمع منافق وهو الذي يظهر الإيمان ويسر الكفر وقد مضى القول فيه مفصلا في سورة آل عمران.
وجملة (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) بيان لجملة (نَشْهَدُ).
وجملة (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) معترضة بين الجملتين المتعاطفتين وهذا الاعتراض لدفع إيهام من يسمع جملة (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) أنه تكذيب لجملة (إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) فإن المسلمين كانوا يومئذ محفوفين بفئام من المنافقين مبثوثين بينهم هجّيراهم فتنة المسلمين فكان المقام مقتضيا دفع الإيهام وهذا من الاحتراس.
وعلق فعل (يَعْلَمُ) عن العمل لوجود (إنّ) في أول الجملة وقد عدوا (إنّ) التي في خبرها لام ابتداء من المعلقات لأفعال القلب عن العمل بناء على أن لام الابتداء هي في الحقيقة لام جواب القسم وأن حقها أن تقع قبل (إنّ) ولكنها زحلقت في الكلام كراهية اجتماع مؤكّدين متصلين ، وأخذ ذلك من كلام سيبويه.
وجملة (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) عطف على جملة (قالُوا نَشْهَدُ).
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لتقوّي الحكم.
وجيء بفعل (يَشْهَدُ) في الإخبار عن تكذيب الله تعالى إياهم للمشاكلة حتى يكون إبطال خبرهم مساويا لإخبارهم.