(لَوْ لا) للعرض أيضا والتوبيخ والتنديم والتمني على المجاز أو الكناية ، وتقدم عند قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ) في سورة يونس [٩٨].
وحق الفعل بعدها أن يكون مضارعا وإنما جاء ماضيا هنا لتأكيد إيقاعه في دعاء الداعي حتى كأنه قد تحقق مثل (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١] وقرينة ذلك ترتيب فعلي (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) عليه.
والمعنى : فيسأل المؤمن ربه سؤالا حثيثا أن يحقق تأخير موته إلى أجل يستدرك فيه ما اشتغل عنه من إنفاق وعمل صالح.
ووصف الأجل ب (قَرِيبٍ) تمهيد لتحصيل الاستجابة بناء على متعارف الناس أن الأمر اليسير أرجى لأن يستجيبه المسئول فيغلب ذلك على شعورهم حين يسألون الله تنساق بذلك نفوسهم إلى ما عرفوا ، ولذلك ورد في الحديث «لا يقولنّ أحدكم : اللهم اغفر لي إن شئت وليعزم المسألة فإنه لا مكره له». تنبيها على هذا التوهم فالقرآن حكى عن الناس ما هو الغالب على أقوالهم.
وانتصب فعل (فَأَصَّدَّقَ) على إضمار (أن) المصدرية إضمارا واجبا في جواب الطلب.
وأما قوله : (وَأَكُنْ) فقد اختلف فيه القراء.
فأما الجمهور فقرأوه مجزوما بسكون آخره على اعتباره جوابا للطلب مباشرة لعدم وجود فاء السببية فيه ، واعتبار الواو عاطفة جملة على جملة وليست عاطفة مفردا على مفرد. وذلك لقصد تضمين الكلام معنى الشرط زيادة على معنى التسبب فيغني الجزم عن فعل شرط. فتقديره : إن تؤخرني إلى أجل قريب أكن من الصالحين ، جمعا بين التسبب المفاد بالفاء ، والتعليق الشرطي المفاد بجزم الفعل.
وإذا قد كان الفعل الأول هو المؤثر في الفعلين الواقع أحدهما بعد فاء السببية والآخر بعد الواو العاطفة عليه. فقد أفاد الكلام التسبب والتعليق في كلا الفعلين وذلك يرجع إلى محسن الاحتباك. فكأنه قيل : لو لا أخرتني إلى أجل قريب فأصّدّق وأكون من الصالحين. إن تؤخرني إلى أجل قريب أصّدّق وأكن من الصالحين.
ومن لطائف هذا الاستعمال أن هذا السائل بعد أن حثّ سؤاله أعقبه بأن الأمر ممكن فقال : إن تؤخرني إلى أجل قريب أصّدق وأكن من الصالحين. وهو من بدائع