جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ.)
معطوفة على جملة (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) [التغابن : ٨] وهو تفصيل لما أجمل في قوله : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [التغابن : ٨] الذي هو تذييل.
و (مَنْ) شرطية والفعل بعدها مستقبل ، أي من يؤمن من المشركين بعد هذه الموعظة نكفر عنه ما فرط من سيئاته.
والمراد بالسيئات : الكفر وما سبقه من الأعمال الفاسدة.
وتكفير السيئات : العفو عن المؤاخذة بها وهو مصدر كفّر مبالغة في كفر. وغلب استعماله في العفو عما سلف من السيّئات وأصله : استعارة الستر للإزالة مثل الغفران أيضا.
وانتصب (صالِحاً) على الصفة لمصدر وهو مفعول مطلق محذوف تقديره : عملا صالحا.
وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر نكفر وندخله بنون العظمة على الالتفات من الغيبة إلى التكلم لأن مقام الوعد مقام إقبال فناسبه ضمير التكلم.
وقرأهما الباقون بياء الغيبة على مقتضى الظاهر لأن ضمير الجلالة يؤذن بعناية الله بهذا الفريق. وجملة (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) تذييل.
وقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا) ، أي كفروا وكذبوا من قبل واستمرّوا على كفرهم وتكذيبهم فلم يستجيبوا لهذه الدعوة ثبت لهم أنهم أصحاب النار. ولذلك جيء في جانب الخبر عنهم بالجملة الاسمية الدالة على الثبات لعراقتهم في الكفر والتكذيب.
وجيء لهم باسم الإشارة لتمييزهم تمييزا لا يلتبس معه غيرهم بهم مثل قوله : (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٥] مع ما يفيده اسم الإشارة من أن استحقاقهم لملازمة النار ناشئ عن الكفر والتكذيب بآيات الله وهذا وعيد.
وجملة (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) اعتراض تذييلي لزيادة تهويل الوعيد.