بالخير على فعل الصالحات تشبيها لفعل المتفضل بالجزاء بشكر المنعم عليه على نعمة ولا نعمة على الله فيما يفعله عباده من الصالحات. فإنما نفعها لأنفسهم ولكن الله تفضّل بذلك حثا على صلاحهم فرتب لهم الثواب بالنعيم على تزكية أنفسهم ، وتلطف لهم فسمى ذلك الثواب شكرا وجعل نفسه شاكرا.
وقد أومأ إلى هذا المقصد اتباع صفة (شَكُورٌ) بصفة (حَلِيمٌ) تنبيها على أن ذلك من حمله بعباده دون حق لهم عليه سبحانه.
وأمّا وصف ب (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فتتميم للتذكير بعظمة الله تعالى مع مناسبتها للترغيب والترهيب اللذين اشتملت عليهما الآيات السابقة كلها لأن العالم بالأفعال ظاهرها وخفيّها لا يفيت شيئا من الجزاء عليها بما رتب لها ، ولأن العزيز لا يعجزه شيء.
و (الْحَكِيمُ) : الموصوف بالحكمة لا يدع معاملة الناس بما تقتضيه الحكمة من وضع الأشياء مواضعها ونوط الأمور بما يناسب حقائقها.
والحكيم فعيل بمعنى : المحكم ، أي المتقن في صنعه ومعاملته وهما معا من صفاته تعالى فهو وصف جامع للمعنيين.