ولها موقع التعليل لجملة (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) ، لأن المعنى إذا بلغن القدر الذي جعله الله لمدة العدة فقد حصل المقصد الشرعي الذي أشار إليه قوله تعالى : (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) [الطلاق : ١] فالمعنى : فإن لم يحدث الله أمر المراجعة فقد رفق بكم وحطّ عنكم امتداد العدة.
ولها موقع التعليل لجملة (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) فإن الله جعل الشهادة قدرا لرفع النزاع.
فهذه الجملة جزء آية وهي تحتوي على حقائق من الحكمة.
ومعنى (لِكُلِّ شَيْءٍ) لكل موجود ، أي لكل حادث فالشيء الموجود سواء كان ذاتا أو معنى من المعاني قال تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ) [القمر : ٥٢]. فعموم قوله : (لِكُلِّ شَيْءٍ) صريح في أن ما وعد الله به يجعل له حين تكوينه قدرا.
قال الراغب في «مفرداته» : وذلك أن فعل الله ضربان : ضرب أوجده بالفعل ، ومعنى إيجاده بالفعل أنه أبدعه كاملا دفعة لا تعتريه الزيادة والنقصان إلى أن يشاء أن يغنيه أو يبدله كالسماوات وما فيها. ومنها ما جعل أصوله موجودة بالفعل وأجزاءه بالصلاحية وقدّره على وجه لا يتأتى منه غير ما قدره فيه كتقديره في النواة أن ينبت منها النخل دون أن ينبت منها تفاح أو زيتون. وتقديره نطفة الإنسان لأن يكون منها إنسان دون حيوان آخر. فتقدير الله على وجهين : أحدهما بالحكم منه أن يكون كذا أو لا يكون ، كذا إما على سبيل الوجوب وإما على سبيل الإمكان. وعلى ذلك قوله : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً). والثاني بإعطاء القدرة عليه ، وعلى ذلك قوله : (فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ) [المرسلات: ٢٣] أو يكون من قبيل قوله : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) اه.
والقدر : مصدر قدره المتعدي إلى مفعول ـ بتخفيف الدال ـ الذي معناه وضع فيه بمقدار كمية ذاتية أو معنوية تجعل على حسب ما يتحمله المفعول. فقدر كلّ مفعول لفعل قدر ما تتحمله طاقته واستطاعته من أعمال ، أو تتحمله مساحته من أشياء أو يتحمله وعيه لما يكدّ به ذهنه من مدارك وأفهام. ومن فروع هذا المعنى ما في قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) في سورة البقرة [٢٨٦]. وقوله هنا : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها) [الطلاق : ٧].
ومن جزئيات معنى القدر ما يسمى التقدير : مصدر قدّر المضاعف إذا جعل شيئا أو