وإسماعيل بن هاد من المالكية ونسبه ابن لبابة من المالكية إلى داود الظاهري.
وهذا التفسير يمحض أن يكون المراد من الارتياب حصول الريب في حال المرأة.
وعلى هذا فجملة الشرط وجوابه خبر عن (اللَّائِي يَئِسْنَ) ، أي إن ارتبن هن وارتبتم أنتم لأجل ارتيابهن ، فيكون ضمير جمع الذكور المخاطبين تغليبا ويبقى الشرط على شرطيته. والارتياب مستقبل والفاء رابطة للجواب.
وهذا التفسير يقتضي أن يكون الاعتداد بثلاثة أشهر مشروطا بأن تحصل الريبة في يأسها من المحيض فاصطدم أصحابه بمفهوم الشرط الذي يقتضي أنه إن لم تحصل الريبة في يأسهن أنهن لا يعتددن بذلك أو لا يعتددن أصلا فنسب ابن لبابة (من فقهاء المالكية) إلى داود الظاهري أنه ذهب إلى سقوط العدة عن المرأة التي يوقن أنها يائسة.
قلت ولا تعرف نسبة هذا إلى داود. فإن ابن حزم لم يحكه عنه ولا حكاه أحد ممن تعرضوا لاختلاف الفقهاء ، قال ابن لبابة : وهو شذوذ ، وقال ابن لبابة : وأمّا ابن بكير وإسماعيل بن حمّاد ، أي من فقهاء المالكية فجعلا المرأة المتيقّن يأسها ملحقة بالمرتابة في العدة بطريق القياس يريد أن العدة لها حكمتان براءة الرحم ، وانتظار المراجعة ، وأما الذين لا يعتبرون مفهوم المخالفة فهم في سعة مما لزم الذين يعتبرونه.
وأصحاب هذا الطريق مختلفون في الوجهة وفي محمل الآية بحسبها : فقال عكرمة وابن زيد وقتادة : ليس على المرأة المرتاب في معاودة الحيض إليها عدّة أكثر من ثلاثة أشهر تعلقا بظاهر الآية (ولعل علة ذلك عندهم أن ثلاثة الأشهر يتبيّن فيها أمر الحمل فإن لم يظهر حمل بعد انقضائها تمت عدة المرأة) ، لأن الحمل بعد سنّ اليأس نادر فإذا اعترتها ريبة الحمل انتقل النظر إلى حكم الشك في الحمل وتلك مسألة غير التي نزلت في شأنها الآية.
وقال الأكثرون من أهل العلم : إن المرتاب في يأسها تمكث تسعة أشهر (أي أمد الحمل المعتاد) فإن لم يظهر بها حمل ابتدأت الاعتداد بثلاثة أشهر فتكمل لها سنة كاملة. وأصل ذلك ما رواه سعيد بن المسيب من قضاء عمر بن الخطاب ولم يخالفه أحد من الصحابة ، وأخذ به مالك. وعن مالك في «المدونة» : تسعة أشهر للريبة والثلاثة الأشهر هي العدة. ولعلهم رأوا أن العدة بعد مضي التسعة الأشهر تعبّد لأن ذلك هو الذي في القرآن وأما التسعة الأشهر فأوجبها عمر بن الخطاب لعله بالاجتهاد ، وهو تقييد للإطلاق