نفسه ، وذلك فيما شرع الله من كفارة اليمين فأفتاه الله بأن يأخذ برخصته في كفارة اليمين المشروعة للأمة كلها ومن آثار حكم هذه الآية ما قاله النبي صلىاللهعليهوسلم لوفد عبد القيس بعد أن استحملوه وحلف أن لا يحملهم إذ ليس عنده ما يحملهم عليه ، فجاءه ذود من إبل الصدقة فقال لهم : «وإني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وفعلت الذي هو خير».
وافتتاح الخبر بحرف التحقيق لتنزيل النبي صلىاللهعليهوسلم منزلة من لا يعلم أن الله فرض تحلّة الأيمان بآية الكفارة بناء على أنه لم يأخذ بالرخصة تعظيما للقسم. فأعلمه الله أن الأخذ بالكفارة لا تقصير عليه فيه فإن في الكفارة ما يكفي للوفاء بتعظيم اليمين بالله إلى شيء هذا قوله تعالى في قصة أيوب (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) [ص : ٤٤] كما ذكرناه في تفسيرها و (فَرَضَ) عيّن ومنه قوله تعالى : (نَصِيباً مَفْرُوضاً) [النساء : ٧]. وقال : فرض له في العطاء والمعنى : قد بيّن الله لكن تحلة أيمانكم.
واعلم أنه إن كان النبي صلىاللهعليهوسلم لم يصدر منه في تلك الحادثة إلا أنه التزم أن لا يعود لشرب شيء عند بعض أزواجه في غير يوم نوبتها أو كان وعد أن يحرّم مارية على نفسه بدون يمين على الرواية الأخرى. كان ذلك غير يمين فكان أمر الله إياه بأن يكفر عن يمينه إما لأن ذلك يجري مجرى اليمين لأنه إنما وعد لذلك تطمينا لخاطر أزواجه فهو التزام لهن فكان بذلك ملحقا باليمين وبذلك أخذ أبو حنيفة ولم يره مالك يمينا ولا نذرا فقال في «الموطأ»: ومعنى قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من نذر أن يعصي الله فلا يعصه» أن ينذر الرجل أن يمشي إلى الشام أو إلى مصر مما ليس لله بطاعة إن كلم فلانا ، فليس عليه في ذلك شيء إن هو كلّمه لأنه ليس لله في هذه الأشياء طاعة فإن حلف فقال : «والله لا آكل هذا الطعام ولا ألبس هذا الثوب فإنما عليه كفارة يمين» اه.
وقد اختلف هل كفّر النبي صلىاللهعليهوسلم عن يمينه تلك.
فالتحلّة على هذا التفسير عند مالك هي : جعل الله ملتزم مثل هذا في حلّ من التزام ما التزمه. أي موجب التحلل من يمينه.
وعند أبي حنيفة : هي ما شرعه الله من الخروج من الأيمان بالكفارات وإن كان النبيصلىاللهعليهوسلم صدر منه يمين عند ذلك على أن لا يعود فتحلّة اليمين هي الكفارة عند الجميع.
وجملة (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) تذييل لجملة (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ). والمولى :