أشعر به قوله تعالى : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) [آل عمران : ١٨٥].
وفي صلة (الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) إيذان بأن سبب انتفاء الخزي عنهم هو إيمانهم.
ومعية المؤمنين مع النبي صلىاللهعليهوسلم صحبتهم النبي صلىاللهعليهوسلم.
و (مع) يجوز تعلقها بمحذوف حال من (الَّذِينَ آمَنُوا) أي حال كونهم مع الشيء في انتفاء خزي الله عنهم فيكون عموم (الَّذِينَ آمَنُوا) مخصوصا بغير الذين يتحقق فيهم خزي الكفر وهم الذين ارتدوا وماتوا على الكفر.
وفي هذه الآية دليل على المغفرة لجميع أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم.
ويجوز تعلق (مع) بفعل (آمَنُوا) أي الذين آمنوا به وصحبوه ، فيكون مرادا به أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم الذين آمنوا به ولم يرتدوا بعده ، فتكون الآية مؤذنة بفضيلة للصحابة.
وضمير (نُورُهُمْ) عائد إلى النبي صلىاللهعليهوسلم والذين آمنوا معه.
وإضافة نور إلى ضمير هم مع أنه لم يسبق إخبار عنهم بنور لهم ليست إضافة تعريف إذ ليس المقصود تعريف النور وتعيينه ولكن الإضافة مستعملة هنا في لازم معناها وهو اختصاص النور بهم في ذلك اليوم بحيث يميزه الناس من بين الأنوار يومئذ.
وسعي النور : امتداده وانتشاره. شبه ذلك باشتداد مشي الماشي وذلك أنه يحفّ بهم حيثما انتقلوا تنويها بشأنهم كما تنشر الأعلام بين يدي الأمير والقائد وكما تساق الجياد بين يدي الخليفة.
وإنما خص بالذكر من الجهات الأمام واليمين لأن النور إذا كان بين أيديهم تمتعوا بمشاهدته وشعروا بأنه كرامة لهم ولأن الأيدي هي التي تمسك بها الأمور النفيسة وبها بايعوا النبي صلىاللهعليهوسلم على الإيمان والنصر. وهذا النور نور حقيقي يجعله الله للمؤمنين يوم القيامة. والباء للملابسة ، ويجوز أن تكون بمعنى (عن).
وقد تقدم نظير هذا في سورة الحديد وما ذكرناه هنا أوسع.
وجملة (يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) إلى آخرها حال من ضمير (نُورُهُمْ) ، وظاهره أن تكون حالا مقارنة ، أي يقولون ذلك في ذلك اليوم ، ودعاؤهم طلب للزيادة من ذلك النور ، فيكون ضمير (يَقُولُونَ) عائد إلى جميع الذين آمنوا مع النبي صلىاللهعليهوسلم يومئذ ، أو يقول ذلك من كان نوره أقل من نور غيره ممن هو أفضل منه يومئذ فيكون ضمير (يَقُولُونَ) على