قلوبهم هو من أحوال إتيان الله إياهم من حيث لم يحتسبوا فتخصيصه بالذكر للتعجيب من صنع الله ، وعطفه على «أتاهم الله من حيث لم يحتسبوا» عطف خاص على عام للاهتمام.
و (الرُّعْبَ) : شدة الخوف والفزع. وهذا معنى قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «نصرت بالرعب» ، أي برعب أعداء الدين.
وجملة (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ) حال من الضمير المضاف إليه (قُلُوبِهِمُ) لأن المضاف جزء من المضاف إليه فلا يمنع مجيء الحال منه.
والمقصود التعجيب من اختلال أمورهم فإنهم وإن خربوا بيوتهم باختيارهم لكن داعي التخريب قهري.
والإخراب والتخريب : إسقاط البناء ونقضه. والخراب : تهدم البناء.
وقرأ الجمهور (يُخْرِبُونَ) بسكون الخاء وتخفيف الراء المكسورة مضارع : أخرب. وقرأه أبو عمرو وحده بفتح الخاء وتشديد الراء المكسورة مضارع : خرّب. وهما بمعنى واحد. قال سيبويه : إن أفعلت وفعّلت يتعاقبان نحو أخرجته وخرّبته ، وأفرحته وفرّحته. يريد في أصل المعنى. وقد تقدم ما ذكر من الفرق بين : أنزل ونزّل في المقدمة الأولى من مقدمات هذا التفسير.
وأشارت الآية إلى ما كان من تخريب بني النضير بيوتهم ليأخذوا منها ما يصلح من أخشاب وأبواب مما يحملونه معهم ليبنوا به منازلهم في مهاجرهم ، وما كان من تخريب المؤمنين بقية تلك البيوت كلما حلّوا بقعة تركها بنو النضير.
وقوله : (بِأَيْدِيهِمْ) هو تخريبهم البيوت بأيديهم ، حقيقة في الفعل وفي ما تعلق به ، وأما تخريبهم بيوتهم بأيدي المؤمنين فهو مجاز عقلي في إسناد التخريب الذي خربه المؤمنون إلى بني النضير باعتبار أنهم سبّبوا تخريب المؤمنين لما تركه بنو النضير.
فعطف (أَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) على (بِأَيْدِيهِمْ) بحيث يصير متعلّقا بفعل (يُخْرِبُونَ) استعمال دقيق لأن تخريب المؤمنين ديار بني النضير لمّا وجدوها خاوية تخريب حقيقي يتعلق المجرور به حقيقة.
فالمعنى : ويسببون خراب بيوتهم بأيدي المؤمنين فوقع إسناد فعل (يُخْرِبُونَ) على