واختلف الذاهبون إلى هذا : فقيل نزلت في خراج الأرض والجزية دون بقية الأموال ، وقيل نزلت في حكم الأرض خاصة دون سائر أموال الكفار (فتكون تخصيصا لآية الأنفال) وإلى هذا ذهب مالك. والآية عند أهل هذه المقالة غير منسوخة. ومنهم من ذهب إلى تخيير الإمام اه.
والتعريف في قوله تعالى : (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) تعريف العهد وهي قرى معروفة عدّت منها : قريظة ، وفدك ، وقرى عرينة ، والينبع ، ووادي القرى ، والصفراء ، فتحت في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم ، واختلف الناس في فتحها أكان عنوة أو صلحا أو فيئا. والأكثر على أن فدك كانت مثل النضير.
ولا يختص جعله للرسول بخصوص ذات الرسول صلىاللهعليهوسلم بل مثله فيه أئمة المسلمين.
وتقييد الفيء بفيء القرى جرى على الغالب لأن الغالب أن لا تفتح إلا القرى لأن أهلها يحاصرون فيستسلمون ويعطون بأيديهم إذا اشتد عليهم الحصار ، فأما النازلون بالبوادي فلا يغلبون إلا بعد إيجاف وقتال فليس لقيد (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) مفهوم عندنا ، وقد اختلف الفقهاء في حكم الفيء الذي يحصل للمسلمين بدون إيجاف. فمذهب مالك أنه لا يخمّس وإنما تخمس الغنائم وهي ما غنمه المسلمون بإيجاف وقتال.
وذهب أبو حنيفة إلى التفصيل بين الأموال غير الأرضين وبين الأرضين. فأما غير الأرضين فهو مخمّس ، وأما الأرضون فالخيار فيها للإمام بما يراه أصلح إن شاء قسّمها وخمس أهلها فهم أرقاء ، وإن شاء تركها على ملك أهلها وجعل خراجا عليها وعلى أنفسهم.
وذهب الشافعي إلى أن جميع أموال الحرب مخمّسة وحمل حكم هاته الآية على حكم آية سورة الأنفال بالتخصيص أو بالنسخ.
وذهب أبو حنيفة إلى التفصيل بين الأموال غير الأرضين وبين الأرضين. فأما غير الأرضين فهو مخمّس ، وأما الأرضون فالتفويض فيها للإمام بما يراه أصلح إن شاء قسّمها وخمس أهلها فهم أرقاء ، وإن شاء أقرّ أهلها بها وجعل خراجا عليها وعلى أنفسهم.
وهذه الآية اقتضت أن صنفا مما أفاء الله على المسلمين لم يجعل الله فيه نصيبا للغزاة وبذلك تحصل معارضة بين مقتضاها وبين قصر آية الأنفال التي لم تجعل لمن ذكروا في هذه الآية إلا الخمس ، فقال جمع من العلماء : إن آية الأنفال نسخت حكم هذه الآية.