الأصناف الأربعة ، لأن مطلقها قد قيّد بقيد عقب إطلاق ، والكلام بأواخره فليس يجري هنا الاختلاف في حمل المطلق على المقيد ، ولا تجري الصور الأربع في حمل المطلق على المقيد من اتحاد حكمهما وجنسهما. ولذلك قال مالك وأبو حنيفة : لا يعطى ذوو القربى إلا إذا كانوا فقراء لأنه عوض لهم عما حرموه من الزكاة. وقال الشافعي وكثير من الفقهاء : يشترط الفقر فيما عدا ذوي القربى لأنه حق لهم لأجل القرابة للنبي صلىاللهعليهوسلم. قال إمام الحرمين : أغلظ الشافعي الرد على مذهب أبي حنيفة بأن الله علق الاستحقاق بالقرابة ولم يشترط الحاجة ، فاشتراطها وعدم اعتبار القرابة يضارّه ويحادّه.
قلت : هذا محل النزاع فإن الله ذكر وصف اليتامى ووصف ابن السبيل ولم يشترط الحاجة.
واعتذر إمام الحرمين للحنفية بأن الصدقات لما حرمت على ذوي القربى كانت فائدة ذكرهم في خمس الفيء والمغانم أنه لا يمتنع صرفه إليهم امتناع صرف الصدقات ، ثم قال : لا تغترّ بالاعتذار فإن الآية نص على ثبوت الاستحقاق تشريفا لهم فمن علّله بالحاجة فوّت هذا المعنى اه.
وعند التأمل تجد أن هذا الرد مدخول ، والبحث فيه يطول. ومحله مسائل الفقه والأصول.
ومن العلماء والمفسرين من جعل جملة (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) ابتدائية على حذف المبتدأ. والتقدير : ما أفاء الله على رسوله للمهاجرين الفقراء إلى آخر ما عطف عليه فتكون هذه مصارف أخرى للفيء ، ومنهم من جعلها معطوفة بحذف حرف العطف على طريقة التعداد كأنه قيل : فلله وللرسول ، إلى آخره ، ثم قيل : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ). فعلى هذين القولين ينتفي كونها قيدا للجملة التي قبلها ، وتنفتح طرائق أخرى في حمل المطلق على المقيد ، والاختلاف في شروط الحمل ، وهي طرائق واضحة للمتأمل ، وعلى الوجه الأول يكون المعوّل.
ووصف المهاجرون بالذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم تنبيها على أن إعطاءهم مراعى جبر ما نكبوا به من ضياع الأموال والديار ، ومراعى فيه إخلاصهم الإيمان وأنهم مكرّرون نصر دين الله ورسوله صلىاللهعليهوسلم فذيل بقوله : (أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).
واسم الإشارة لتعظيم شأنهم وللتنبيه على أن استحقاقهم وصف الصادقين لأجل ما