أبو طلحة) فقال : أنا يا رسول الله ، فذهب إلى أهله فقال لامرأته : هذا ضيف رسول الله لا تدّخريه شيئا ، فقالت : والله ما عندي إلا قوت الصبية. قال : فإذا أراد الصبية العشاء فنوّميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة. فإذا دخل الضيف فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج ترى أنك تصلحينه فأطفئيه وأريه أنّا نأكل. فقعدوا وأكل الضيف.
وذكرت قصص من هذا القبيل في التفاسير ، قيل : نزلت هذه الآية في قصة أبي طلحة وقيل غير ذلك.
وجملة (وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) في موضع الحال.
و (لَوْ) وصلية وهي التي تدل على مجرد تعليق جوابها بشرط يفيد حالة لا يظنّ حصول الجواب عند حصولها. والتقدير : لو كان بهم خصاصة لآثروا على أنفسهم فيعلم أن إيثارهم في الأحوال التي دون ذلك بالأحرى دون إفادة الامتناع. وقد بينا ذلك عند قوله تعالى : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ) في سورة آل عمران [٩١].
والخصاصة : شدة الاحتياج.
وتذكير فعل (كانَ) لأجل كون تأنيث الخصاصة ليس حقيقيا ، ولأنه فصل بين (كانَ) واسمها بالمجرور. والباء للملابسة.
وجملة (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) تذييل ، والواو اعتراضية ، فإن التذييل من قبيل الاعتراض في آخر الكلام على الرأي الصحيح. وتذييل الكلام بذكر فضل من يوقون شح أنفسهم بعد قوله : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) يشير إلى أن إيثارهم على أنفسهم حتى في حالة الخصاصة هو سلامة من شح الأنفس فكأنه قيل لسلامتهم من شح الأنفس (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
والشح بضم الشين وكسرها : غريزة في النفس بمنع ما هو لها ، وهو قريب من معنى البخل. وقال الطيبي : الفرق بين الشح والبخل عسير جدا وقد أشار في «الكشاف» إلى الفرق بينهما بما يقتضي أن البخل أثر الشح وهو أن يمنع أحد ما يراد منه بذله وقد قال تعالى : (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَ) [النساء : ١٢٨] أي جعل الشح حاضرا معها لا يفارقها ، وأضيف في هذه الآية إلى النفس لذلك فهو غريزة لا تسلم منها نفس.
وفي الحديث في بيان أفضل الصدقة «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر